JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

الخبر المصري" في حوار صحفي مع الكاتب عادل الحمداني

 "


حوار : بشرى بوجمعه


أجري "عادل الحمداني" إعلامي وكاتب من سلطنة عمان في مجال كتابة الأخبار الاذاعية والتلفزيونية وإعداد البرامج الحوارية والإخبارية لإذاعة وتلفزيون، حوار صحفياً مع جريدة وموقع " الخبرالمصري".



بداية لو تعطينا نبذة عن الكاتب عادل الحمداني 


إعلامي وكاتب من سلطنة عمان من مواليد عام 1975. عملت في مجال كتابة الأخبار الاذاعية والتلفزيونية وإعداد البرامج الحوارية والإخبارية لإذاعة وتلفزيون سلطنة عمان لما يناهز ال25 عاما. ولي مشاركات صحفية في كتابة المقالات والقصص القصيرة.



ما هو السر الذي جعلك تختار أحداث الرواية في تونس 


هناك مقولة مفادها أن بعض المدن لا تغادرنا حتى وإن رحلنا عن أرضها. هذا ما حدث لي خلال الزيارتين التي حظيت بهما إلى تونس عامي 2015 و 2019 حيث وجدت أن تونس البلد ككل وليس فقط العاصمة قريبة مني بتنوعها وثراءها الحضاري والتاريخي وطبيعة شعبها الودود. خلال تلك الزيارتين لقيت في تونس ما يعجبني من سكون وجمال.


لم يكن هناك تخطيط لكتابة رواية تدور أحداثها في تونس لكنني التقطت إشارة حدثت لي خلال جولتي في شارع الحبيب بورقيبة في حديث مرشدة سياحية صادف أن اسمها يشابه اسم اختي الصغيرة التي توفت في سن مبكرة ولم تكمل العامين من عمرها وبقيت الصورة المشتركة لي ولها معلقة في برواز أنيق في منزلي وقد حدث أنني تخيلت أن المرشدة السياحية قد تكون هي أختي التي قيل لي وأنا صغير أنها توفت جراء المرض فنسجت في خيالي قصتي الخاصة أنها قد تكون هي أختي ورسمت مسارات رئيسية لتلك القصة بإضافات وتعديلات تتناسب مع الحبكة والسرد الروائي وقد جاءت الرواية هكذا دون أن أقيد شخصياتها فتركت لكل شخصية حريتها في الحركة داخل الرواية مع الحرص على مصداقية كل معلومة وردت في الرواية والتيقن من موثوقية التفاصيل.


بشكل عام من يزور تونس لابد أن يتعلق بها. تونس كما رأيتها ثرية في كل شيء تاريخيا وثقافيا وحضاريا. تركت في نفسي أثر جميل لا أتخيل أنه سيختفي بسهولة.



شخصية أميرة تتخبط بين جذور الماضي وثمرة الحاضر كيف استطعت من خلال سردك لأحداث الرواية أن تجمع بين البلدين ضمن سلسلة ذكريات خاضتها البطلة؟ 


شخصية أميرة تتشظى بين تراكمات الماضي ومعايشات الحاضر فكان لابد أن يصل للقارئ كل هذه التجاذبات في هذه الشخصية التي تمثل وضع الكثير من البشر حين تعركهم الحياة بحلوها ومرها وتأخذهم لصراعات نفسية لا يقوى الكثير منهم على تجاوزها. 


في الماضي الذي عاشته أميرة في عمان والحاضر التي تعيشه في تونس هناك رابط لا تستطيع الفكاك منه، رابط الدم. هذا الرابط لا يمكن التخلص منه. تأخذنا أميرة إلى عمان وتعود بنا إلى تونس. تخبرنا عن ماضيها وتنقل إلينا حاضرها. أميرة مرتبطة بعُمان من خلال والدها ومرتبطة بتونس من خلال والدتها فأين تذهب من هذا الارتباط. ما يمكن قوله هنا أن عمان وتونس وإن اختلفت المواقع والأوضاع هما بلدان بينهما قواسم مشتركة حالهما كحال الكثير من البلدان العربية تتشابه في كثير من الأمور وليس فقط باللغة والدين والتاريخ كما جرت العادة وصف ما تتشابه به الدول العربية لذلك كان لابد علي في هذه الرواية أن أوضح داخل النص أن أميرة تونسية وعمانية في ذات الوقت فلا فرق بين تونسيتها وعمانيتها طالما أن نصفيها يمتد للبلدين.



لوهله من الزمن وأنا أتصفح روايتك مقارنة بين الأحداث انتابني شعور أن الرواية تنتمي لك وكأنك البطل الذي تعايش بين طيات القصة، تفاصيل كثيرة أثارت فضولي كذكر رقم الرحلة ... شريحة الموبايل ... العطر كيان تفاصيل لا ينتبه لذكرها الا من مر بهذه التجربة فما هو السر؟ 


لا يوجد سر. الكاتب ابن بيئته وأسير معايشاته وأب خياله. إذا اجتمعت فيه القدرة على الجمع بين هذه العناصر الثلاثية سيكون قادرا على صناعة اعتقاد لدى القارئ أن الرواية التي يقرأها وكأنها تتحدث عن الكاتب بينما الحقيقة أنه لم يكتب عن نفسه. في هذه الرواية وللأمانة فإن بعض التفاصيل في سياق السرد حقيقية وليس بصعب أن يكون رقم الرحلة صحيح وأن العطر موجود وأن المقاهي التي وردت في الرواية موجودة وهكذا. من خلال تجربتي في روايتي الأولى "غرفة محكمة الإغلاق" استفدت أن التفاصيل تعطي متعة للقارئ وهو يتابع شخصيات الرواية لذلك كانت التفاصيل حاضرة وبقوة في رواية "أميرة بنت تونس" تفاصيل لا يشعر معها القارئ بأنها مملة أو متصنعة أو وردت من باب الحشو أو أنها في غير سياقاتها الصحيحة. لذلك لا بد أنك بعد قراءتك للرواية وجدتني نفسك وقد استمتعتِ بقراءة الرواية وأنها أضافت لك الكثير من المعرفة من خلال تفاصيل وضعت في مكانها الصحيح.


الأمر الآخر أنني حين أكتب تأتي من اللاوعي لديّ تراكمات القراءة السابقة واللحظات التي قد تكون مرت في حياتي لم تكن وقتها ذات أهمية أو لم ألتفت لها لكنها بقيت لتكون حاضرة فيما أكتبه. لأنني قارئ مواظب على القراءة منذ الصغر فإنه من الطبيعي أن يكون لديّ حصيلة واسعة من المعرفة مع التأكيد أنني حرصت على أن تكون كل معلومة وردت في الرواية موثقة وصحيحة مثل قصة "ثورة الخبز" وما ورد في كتاب الرئيس السابق وحتى المسلسلات التونسية التي جاء ذكرها في بداية الرواية والتي كانت تبث على شاشة التلفزة التونسية وبالتأكيد حتى تطورات العمل في صحيفة عمان والملاحق التي صدرت عن الصحيفة في ثمانينات القرن الماضي. كل ذلك حرصت على أن يكون موثق بشكل دقيق، قدر اجتهاداتي.



ذكرت بالرواية أنه يوجد وجه شبه بين تونس وعمان فهل ما ذكرته بإمكانه مزج حضارتهما معا في إطار موحد؟


بداية فإن كثيرا من الآراء التي وردت في الرواية جاءت من وجهة نظر الشخصيات. كما سبق لي القول فقد تركت للشخصيات مساحة الحرية للتحرك وقول ما تريد. هذا ما حدث بالفعل لدرجة أنني في لحظات كثيرة خلال كتابة الرواية كنت أتساءل من يقود من. هل أنا أقود وأسيّر الشخصيات أم أن الشخصيات هي من تسيّرني وفي كثير ما تكون إجابتي أنني لم أعد مسيطرا على تلك الشخصيات فتركتها تفعل ما تريد في الرواية.


أما إذا تحدثت كعماني زار تونس وتجول في عديد مدنها ما خرجت به أن بين تونس وعمان تشابه في كثير من الأمور. التنوع الجغرافي مثلا. الإرث الحضاري والتاريخي. التمازج الديني والطائفي مثال آخر. التشابه في الفن المعماري مثال رابع. والكثير من الأشياء التي أستطيع القول أنها متشابهة إلى حد كبير. وربما يلاحظ القارئ الإشارة إلى سوق مطرح في سلطنة عمان والمدينة القديمة في العاصمة تونس. فيما يتعلق بالمزج الحضاري لا أستطيع أن أجزم إذا ما كان ذلك ممكنا أو لا لكن يمكن للمتخصصين في مجال التاريخ والآثار أن يعطوا قولهم في درجة التقارب بين الحضارتين وقربهما من الاندماج. 



ربما لذة الحب في هزائمه وخسارته من رواية الرولة لكاتبها يوسف الحاج، إلى أي مدى تقتنع بهذه المقولة؟ 


بداية كل فصل هناك اقتباس يعطي إشارة لما سيكون في الفصل. هذا الاقتباس جاء ليدلل على أن الحديث سيكون عن خسائر الحب والهزائم للشخصية الرئيسية. أما أنا فلم أصل لدرجة الاقتناع أن لذة الحب في هزائمه بل أن لذة في الانتصارات التي يحققها المحب. لا لذة في الألم ولا قيمة لحب لا يسعد المحبين. ربما في سياق رواية الرولة للكاتب العماني يوسف الحاج كانت وردت على لسان شخصية أو في سياق معين تتناسب مع هذا القول لكن بشكل لا لذة للحب في الهزائم.



يقال إن القلوب هي مستودع الأسرار.. فما هو السر الذي دفعك لكتابة هذه الرواية بكل ما فيها من تفاصيل دقيقة؟ 


السر في تونس وما تركته من انطباع في نفسي. أما التفاصيل ففيها متعة للقارئ.



ذكرت في الرواية أن التميز العنصري بين الجنسيات هو سبب فشل قصة الحب التي جمعت بين أميرة وقيس، ما هي وجهة نظرك في هذا الموضوع هل أنت ضد هذه الظاهرة التي تسعى الشعوب من خلال تطبيقها للحفاظ على العرق الأصلي للعائلات أم أنك تدعمها؟ 


في كل بقاع العالم هناك عقليات رجعية تفرق بين كون هذا منا أو من غيرنا. وبين كون هذا من جنسنا أو من غير جنسنا. وبين كون هذا من طائفتنا أو ديننا أو ليس منهما. وهكذا. وجهة نظري أن مثل هذه العقليات يجب تغييرها والوقوف ضدها. في سياق الرواية كان قدر أميرة وقيس أن يقف زاهر بن حمود وزوجته ضد ارتباطهما لسبب رئيسي واضح وهو الخلافات العائلية القديمة بين أجدادهم وعزز هذا الرفض الحماقة التي دفعته لعدم الموافقة على تزويج ابنه بأميرة لأن أمها تونسية. هذا سياق الرواية لكن على أرض الواقع هناك نماذج كثيرة جدا في عمان لارتباطات زواج من مختلف الدول العربية والأجنبية والحقيقة أن حالات الزواج من الخارج لا تجد أي عوائق مجتمعية بل أغلب عوائقها ضوابط تنظيمية قانونية من باب تنظيم الأمر وحفظ الحقوق للجميع لا أكثر ولا أقل.


ردا على الجزء الأخير من سؤالك. ليس هناك ما يمكن وصفه بالحفاظ على العرق الأصلي للعائلات. الأعراق امتزجت منذ مئات السنين. وأنا أعرف أشخاص في تونس تواصلوا معي وأكدوا لي أن أجدادهم جاءوا من عمان، وقد وجدت في تونس أسماء عوائل تونسية هي أسماء قبائل موجودة في عُمان مثل العامري واللواتي والسعدي والسليماني والحضري والعبيدي والسالمي وغيرها الكثير ولا استبعد يكون في تونس من يحمل اسم الحمداني. هناك عُمانيين أصولهم تونسية ومن دول عربية أخرى كثيرة. في القديم لم تكن هناك حدود ولا وجود لقيود التنقل والعيش في أرض الواسعة لذلك تنقل العرب من مكان إلى آخر واستقروا حيث وجدوا أنفسهم فيه. أما أنا فاعتبر نفسي تونسي وأرى التونسي عُماني بيننا لا أفرق في تعاملي مع أحد بمقياس جنسيته. فكلنا أخوة وأبناء عمومة.



أشرت في روايتك وأنت تسرد بعض الأحداث عن الوضع الراهن في تونس أن البلد يفتقر إلى التخطيط وحسن إدارة للمال العام، هل الفكرة مستوحاة من خلال ما يبث أم هي نظرتك الخاصة من خلال زيارتك لتونس؟ 


بقليل من التركيز يمكن ملاحظة أن هذه الجزئية كانت الإشارة فيها لم تكن موجهة إلى تونس بل موجهة بشكل غير مباشر إلى غيرها. الشخصيات التي ورطت نفسها بنفسها في الرواية كانت تتحدث عن عُمان وتونس على حد سواء وهي من رأت أن تونس تزخر بالعديد من المقومات التي يجب الاستفادة منها بشكل أفضل مما هو قائم حاليا. الرواية لا تحمل وجهة نظر الكاتب أبدا وقد سبق لي القول إن الروائي يستطيع أن يضع شخصية انسان ملحد فيتحدث الملحد عن نفسه وليس عن الكاتب وعلى هذا السياق يمكن قياس ما جاء على لسان الشخصيات وطريقة نظرتها للأمور. أما إذا تحدثت عن نظرتي الخاصة تجاه تونس فهي أنني وددت أن أقيم فيها لفترة طويلة أو على الأقل أن أزورها في كل عام أو أن اترك رابطا بيني وبينها دلالة على ارتياحي تجاه البلد والناس المقيمين فيها.



تطرقت بالرواية أن تونس لم تسمح لأي تدخلات خارجية بالتوغل فيها رغم مغريات الأموال التي وعدت بها لحل مشاكلها الداخلية، هل هذه النظرة عامة أم خاصة من وجهة نظرك فقط؟ 


مرة أخرى يمكن القول إن هذه وجهة نظر سعيد بن سالم في الرواية ولا أجد أنني أخالفه الرأي كثيرا. كشخص متخصص في التحرير الإخباري والكتابة البرامجية أرى أن تونس وفقت في موقفها تجاه سد الباب أمام التدخلات الخارجية ووفق المنظور الأسري عالج مشاكلك الأسرية داخل بيتك ولا تعطي المجال لجارك أن يشاركك فيها. هذه قناعة شخصية صائبة تحتمل الخطأ.


لفت انتباهي مقولة ذكرتها بالرواية (يفترض أن لا نؤلف الكتب إلا لنقول فيها ما لا نجرؤ على البوح به لأحد) ما هو وجه الشبه الذي يجمعك بهذه الكلمات العميقة؟ 


سؤال يعبر عن ذكاء ودقة ملاحظة. دعيني أرد عليه بهذه الأسئلة.. كيف يخرج الكاتب من إطار ما هو مسموح به أو متاح له؟ أليست الكتابة مخرج مناسب لا يمكن محاسبته عليها؟ لماذا يخلق القاص أو الروائي شخصياته بتنوع أفكارها ومعتقداتها وآرائها وتوجهاتها؟ أليس من أجل أمر مهم مثل هذا؟


وجه الشبه أنني أكتب لأبوح بأشياء أود قولها للآخرين. كل واحد يلتقط شيء ويفوته شيء آخر.



بالرواية استخدمت العديد من المصطلحات التونسية التي تعتبر صعبة في حد ذاتها ولن يفهمها الا أصحاب البلد نفسه، من الذي ساعدك في تفسير وذكر هذه التعابير؟


ببساطة أهل مكة أدرى بشعابها. وأهل مكة هنا أصدقائي ومعارفي التونسيين. إضافة إلى هذه المساعدة التي قدموها لي أهلي من تونس كان لابد عليّ أن استقصي وأجتهد بنفسي للوصول إلى اقناع القارئ أنني تونسي بالفعل أو أنني عشت في تونس عشرات السنين. الكاتب مهما حاول لن يصل إلى تفاصيل عميقة في البلد الذي يكتب عنه إلا إذا استند على من يعينه.

الخبر المصري" في حوار صحفي مع الكاتب عادل الحمداني

El khabrelmasry sohag

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة