حوار : واصف ماجد
ربك لما يريد المحنة تنقلب إلى منحة، بهذه الكلمات الإيمانية بدأ الكابتن صلاح عادل حديثه مع جريدة وموقع " الخبر المصري"، فصلاح شاب يبلغ من العمر ٢٢ سنة، عشق كرة القدم طيلة حياته، وخصوصا مركز حراسة المرمى، حيث كان حلمه الأوحد الذى لم يغب عن باله أن يصبح سدا عاليا منيعا لمنتخب مصر لكرة القدم، في الحلم يراوده مع أنفاسه ولكن الواقع كان بمثابة حائلا لهذا الحلم، وهو ابن لأسرة بسيطة ليس في مقدورها إلحاقه بأية من أندية الدورى المصري، لكن الحلم لا يموت واليأس خيانة والأمل حياة، فظل يجرى وراء حلمه فتارة يلعب لأندية الدرجة الرابعة وتارة يلعب بمراكز الشباب، لم يترك فرصة لعب نحو معشوقته كرة القدم إلا و قد اقتنصها، حتى الساحات الشعبية كانت له فيها صولات وجولات.
وذات نهار أثناء عمله فى محل جزارة علي مفرمة اللحم إذ بكف يده اليسرى ينزلق مع اللحم داخلا ويخرج ناتج الفرم خليط بين اللحم المفروم و نصف كف يده مع أربعة أصابع باليد اليسرى، حادثة مروعة و مأسوية وهو في عمر ١٦ سنة، ويصف تلك الحادثة فيقول :-( كان ذلك وصوت آذان الظهر في أذني، ومن ثم غبت عن الوعى ولم أفق إلا وأنا علي سرير المستشفي ولكن آذان الفجر هو الذي أسمعه حينما رجعت للوعى ثانية بعد فترة من الغيبوبة أثر صدمة الألم والمنظر البشع الذى رأيته بعينى)
و استطرد قائلا :- لم يكن يعنيني كفي ولا يدا ولا أصابعى بل ما كان يعنينى حلمى الذى أراه يتبدد و يتلاشى أمامى، كيف أواصل اللعب كحراس للمرمى، كيف أحترف اللعب بهذا المركز المهم ، كيف سأصل الي النادى الأهلي الذي أعشقه و منتخب مصر الذي بالنسبة لى منية النفس والروح. ولكن حمدا لله العزيز الحكيم لابد أنه هناك حكمة كبيرة لا يعلمها سوى الله سبحانه، كان هذا في آخر المرحلة الإعدادية و قضيت المرحلة الثانوية بعد ذلك التحقت بكلية التجارة جامعة حلوان ، والحلم مازال يراودني ، كيف انتزع من مخيلتى؟ كيف لي أن أتخلى عنه والأمل حياة؟ هل يقتل المرء نفسه؟ كل تلك الأسئلة كانت تدور بخلدي دون إجابات شافية ، ولكن الإيمان كان سندا و دواء بأن الله سبحانه له قضاء حكيم مريد حسب تدبيره عز وجل لأن الله مع عبده المؤمن المتكل عليه.
وفي الجامعة سمعت بدوري شباب الجامعات فتقدمت كحراس مرمى لفريق جامعة حلوان بالطبع كانت نظرة الكابتن لى مليئة بالشفقة أو أنني لن أقدر علي صد الكرة وحراسة المرمى ، و لكنه قرر أن يمتحنى مع غيري من المتقدمين وبفضل الله حصلت علي إعجاب الجميع حتى أن الكابتن نفسه انبهر من قدرتى على صد جميع الركلات وعدم إحراز أى هدف بمرامي، و جدته يهتف من الدهشة قائلا :- ( الله عليك يا ابنى ايه ده! اسد والله اسد والله) .
ومن هنا كانت الانطلاقة الحقيقية لي حيث مثلت جامعة حلوان كحراس مرمى الفريق وشاركت ببطولة شباب الجامعات بالإسكندرية للعام ٢٠١٩ وأحرزت المركز الأول كأفضل حارس مرمى وحصلت على ميدالية ذهبية في تلك البطولة ، و تردد اسمى كثيرا بين أجواء الجامعات المصرية و المهتمين بكرة القدم لشباب الجامعات .
و في تلك الفترة تعرفت علي كابتن شيكو وكابتن محمد حسين البطل في رفع الأثقال ، و عرفانى أنه يوجد ما يعرف بكرة القدم للمبتورين ، و أنه هناك بطل أخر اسمه كابتن محمود عبده يسعى لدى اللجنة البارالمبية المصرية لعمل أول فريق مصري لكرة القدم للمبتورين، وكابتن محمود هذا قد ذاع صيته وأصبح ترندا بعد رقصه بالعكاز وسط الملعب بعد فوز مصر بالمباراة النهائية المؤهلة لكأس العالم روسيا 2018 . فاستطاع خطف كل الأنظار إليه ، و بالتالي لفت انتباه جموع المصريين إلى ذوى الاحتياجات الخاصة والأبطال متحدى الإعاقة، وعلى أثر ذلك احترف بتركيا ودائما ما يحصد البطولات وعقب المباراة دائما يرفع العلم المصرى عاليا ويلتقط به الصور في اعتزاز كبير بمصريته وطننا الغالي، المهم تواصلت مع الكابتن محمود عبده وبدأت معه التدريب باستاد المحافظة مدينة السلام، وعرفت أن من ضمن قوانين رياضة كرة القدم المبتورة أن يكون حارس المرمى كحالتي، فيضع اليد التي بها بتر داخل التيشيرت ويلعب باليد الأخري السليمة ، ومن هنا أدركت الحكمة الإلهية فيما أصابني، وكأنه سبحانه يريد تحول مساري من كرة القدم العادية اللي كرة القدم المبتورة، و بتوفيق من الله و بجهود الأبطال خصوصا الكابتن محمود عبده اجتمعنا باللجنة البارالمبية المصرية بوزارة الشباب والرياضة يوم ٢٢ مايو ٢٠٢١م وحينها تم تدشين رياضة كرة القدم المبتورة بمصر ، وعلي اثر ذلك ستشارك مصر في البطولة الأفريقية لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المبتورة للعام 2021 المقامة في تنزانيا في الفترة بين ٢٦ نوفمبر و حتى ٣ ديسمبر ٢٠٢١ وستشارك بها ١٨ دولة أفريقية نأمل من الله أن تكون البطولة لمصر وأن نرفع اسم مصر خفاقا عاليا.
والحمد لله قد استجابت الأندية المصرية والتفتت لنا و كانت باكورة تلك الأندية نادى بيراميدز و الذي صرح السيد ممدوح عيد الرئيس التنفيذي له قائلا نفتخر ونعتز بتأسيس النادي لأول فريق للمبتورين في مصر، وكرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى، ولها دور كبير في دمج أصحاب الهمم وذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، ونؤكد على دورنا المجتمعي في دعم جميع الفئات”.
“كما نعمل على تنفيذ رؤية القيادة السياسية في مصر، والتي تعطي دائماً المثل والقدوة، في التعامل مع الفئات الخاصة ،ومن ذوي القدرات ودمجهم في المجتمع”.
“نأمل أن يكون هناك اهتمام بتأسيس المزيد من تلك الفرق، في الأندية وإطلاق الدوري الخاص بهم تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة”.
وبهذا صار لنا الأمل من جديد في تمثيل بلادنا وحصد البطولات باسم مصر لكرة القدم المبتورة. دعواتكم جميعا لنا ولمصرنا الغالية بالرقي والتقدم على كافة الأصعدة.
