JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

الإنفاق على التعليم.. تحديات وثغرات !

الإنفاق على التعليم.. تحديات وثغرات !


بقلم: أحمد موسى

من المفترض أن يتمتع المواطن في مصر- بغض النظر عن جنسيته- بأربعة حقوق: ( الحق في التعليم- الحق في العمل- الحق في السكن- والحق في العلاج ).. وقد تم إدراج كل تلك الحقوق كبنود مستقلة بذاتها، ولها مخصصاتها المالية في الموازنة العامة للدولة.

ولتأكيد أهمية حصول المواطن على حقه في التعليم كأحد أولويات الحقيبة الاقتصادية للدولة تعمل الدولة على زيادة مخصصات التعليم في الموازنة العامة سنويا.

والدليل على ذلك أنه تمت زيادة مخصصات التعليم بنحو 15% لتصل إلى 363.6 مليار جنيه خلال العام المالي 2020/2021 مقارنة بـ 316.7 مليار جنيه خلال العام المالي 2019/2020.

وإذا نظرنا إلى عوائد تلك الزيادات سنجد أنها لا تنفق الا في بناء المدارس والعمل على تحسين مستويات الفصول الدراسية لتصبح بحالة جيدة قدر الإمكان.. ومع ذلك لا تزال هناك مشكلات تعوق سير العملية التعليمية، وتقلل من فعالية المنظومة التعليمة في تحقيق الهدف العام الذي تنشده الحكومة.

السؤال الآن: ما تلك المشكلات.. وما السبيل للقضاء عليها ؟ في البداية يجب لفت الأنظار الي أن الهدف العام للتعليم هو تخريج شباب واع مثقف مدرك لطبيعة المجتمع من حوله، ويعرف جيدا كيف يمكنه خدمة وطنه من خلال ما تعلمه طوال سنوات الدراسة.

وعلى أساس ذلك الهدف تتكون رؤية الحكومة ونظرتها الي واقع العملية التعليمية، ثم تضع السياسات التي تخدم ذلك الهدف.

وبالنظر الى سياسات الدولة التعليمية وربطها بالبرنامج العام للإصلاح الاقتصادي نجد أن الدولة تنظر الي جميع القطاعات بنظرة واحدة بغض النظر عن طبيعة تلك القطاعات ومعايير العمل فيه.

ووضعت الدولة برنامجا للإصلاح الاقتصادي يقوم على أساس رأسمالي، أي تنمية المشروعات والمؤسسات علي أنها شركات أو مؤسسات انتاجية بهدف تحقيق أرباح طائلة، ليس أكثر.

وقد نجحت سياسات الدولة في تنمية كثير من القطاعات مثل الزراعة، والصناعة، والتجارة، والسياحة، والإنشاء والتعمير، وجذب الاستثمارات، حيث حققت الدولة معدلات نمو مرتفعة تصل الى 4.1% لتسجل أعلى معدل نمو في المنطقة العربية لعام 2020 بالرغم من آثار أزمة كورونا.

وارتفعت إيرادات النقد الأجنبي لتصل إلى 83.1 مليار دولار في عام 2019 مقارنة بنحو 79.2 مليار دولار في عام 2018.. لكن هناك قطاعات لا يجب تنميتها على أساس رأسمالي لأنها تخص الحقوق الأساسية للمواطنين، ومن أهمها الحق في التعليم.

ووضعت الدولة برنامجا اصلاحيا لتنمية قطاع التعليم، حيث فتحت المجال للقطاع الخاص، وسعت لزيادة حجم الاستثمارات الحكومية والخاصة في قطاع التعليم للتوسع في عدد المدارس، وتحسين مستويات الفصول الدراسية. كما عقدت عدة برامج تدريبية للمعلمين لتطوير أساليب التعليم والتدريس، وكأن المشكلة في عدد المدارس وأساليب التدريس.

إن السياسات التي اتخذتها الدولة لتنمية قطاع التعليم تعتبر حلول سطحية أو بمعنى أصح مسكنات لتضمن الاستقرار النسبي للمنظومة الاقتصادية دون أي تغيرات مفاجئة.. والحقيقة أنه اذا نظرنا الي حجم المبالغ المالية المخصصة للتعليم بالأخص لتنفيذ برنامج تطوير التعليم الثانوي على أساس استخدام التابلت لوجدنا أن هناك مليارات الجنيهات تنفق سنويا من أجل اقناع المجتمع الدولي بأن مستوى التعليم المصري في تقدم مستمر، فقط لا غير.

إن التعليم المصري يغرق في المشكلات التي تتجاهلها الدولة، والتي لا تحتاج الى كل تلك النفقات والمبالغ الطائلة، بل تحتاج الي اقتناع الدولة بأهمية احداث تغييرات جذرية عن طريق اعادة النظر الى قطاع التعليم على أساس حقوقي. من المشكلات الخطيرة التي تعوق تنمية قطاع التعليم مشكلة التهيئة النفسية والسلوك المجتمعي.

عند قيام الدولة بعقد برامج تدريبية لتطوير أداء المعلمين وأساليب التدريس كان من المفترض أولا اقناعهم بالهدف من ذلك التطوير، واقناعهم بضرورة العمل بأساليب أكثر تطورا لضمان استفادة الطلاب واستيعابهم. فبعد اتمام المعلمين لتلك البرامج عاد كل منهم الي أسلوبه القديم وكأن شيئا لم يكن، والذي ساعد علي فشل تلك البرامج التدريبية غياب الرقابة الحقيقية على أداء المعلمين، وهذا ينقلنا الي المشكلة الثانية.

إن غياب الرقابة الحقيقية على أداء المعلمين يجعل من أمر التطوير شيئا مستحيلا، ذلك لأن المعلم اذا غابت عنه الرقابة الفعلية سيعمل بمستوى أقل من المطلوب، وبالتالي لن يفيد الطلاب بشيء، ولن يحقق الهدف العام للدولة. كما أن انخفاض أداء المعلم يرجع الى اقتناعه بانخفاض دخله ولذلك يعمل على قدر المرتب الذي يراه ضئيلا. والغريب أن الدولة تتعامل مع قطاع التعليم على أساس رأسمالي بهدف تحقيق أرباح على الرغم من أن عوائد قطاع التعليم غير مادية، حيث أن الغرض من التعليم هو تخريج شباب متعلم ومتسلح بكل المهارات التي تؤهله لسوق العمل، وهذا الغرض لا ينطوي على أية عوائد مادية أو مالية، وذلك ما يؤدى الى تدهور مستوى الطلاب والتعليم على الرغم من زيادة مخصصات التعليم في الموازنة العامة للدولة.

بعد عرض كل تلك المشكلات يجب على الدولة الاقتناع بأن الهدف من تنمية قطاع التعليم هو تخريج شباب واع ومثقف ومتعلم، قادر علي خدمة وطنه قبل اتخاذ أي اجراء أو تنفيذ أية سياسة. يجب على الدولة عقد برامج تدريبية لإقناع المعلمين بضرورة العمل وتحسين الأداء الوظيفي لتحسين مستويات الانتاج، ومن ثم ارتفاع قيمة المرتبات التي يرونها ضئيلة.
       كما يجب احداث تغيير جذري في معايير تقييم الطلاب، وذلك للتأكد من جدوي السياسات المتخذة، وفعالية الأداء الوظيفي للمعلمين في افادة الطلاب وتعليمهم، حيث يمكن أن تقوم الدولة ببحث عدد من الوسائل الفعالة والهادفة لضمان استفادة الطلاب حق الاستفادة. والأهم من ذلك كله احداث تغيير جذري في المنظومة التعليمية شكلا ومضمونا، أي تغيير المناهج العقيمة التي يدرسها الطلاب واستبدالها بمناهج أكثر ارتباطا بالواقع والحياة لضمان اقتناع الطلاب بأهمية دراسة تلك المناهج، وضرورة التعلم من أجل الاستفادة الحقيقية.
الإنفاق على التعليم.. تحديات وثغرات !

alkhabralmasry 6

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة