JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Accueil

الدكتور محمد حسين الضاهر يكتب : إعادة إحياء المتوفى باستخدام الذكاء الاصطناعي

الدكتور محمد حسين الضاهر يكتب : إعادة إحياء المتوفى باستخدام الذكاء الاصطناعي





في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، برزت جريمة جديدة تشكل تهديداً حقيقياً لاختراق حقوق الأفراد حتى بعد وفاتهم، وهي جريمة "سرقة الهوية الرقمية بعد الموت"، وهذه الجريمة تتمثل في استيلاء الأشخاص على الهوية الرقمية للمتوفى، من حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، ورسائله، وصوره، وأصواته، ومن ثم استغلالها لأغراض احتيالية أو تشهيرية عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي التي باتت قادرة على إعادة إحياء صوت وصورة وشخصية المتوفى بشكل واقعي، ما يفتح أبواباً واسعة أمام عمليات الاحتيال المالي والتشهير.


إعادة إحياء المتوفى باستخدام الذكاء الاصطناعي:


بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، يمكن استحضار نسخ رقمية للمتوفى تماثل صوته وتعبيراته وحركات وجهه بدقة، من خلال جمع وتحليل كمية كبيرة من البيانات الرقمية المتوفرة عنه، ويتم بعدها خلق فيديوهات أو تسجيلات صوتية توحي بأنه ما يزال على قيد الحياة، مما يجعل المحيطين به عرضة للخداع، وتستغل هذه النسخ الرقمية في:

• خداع الأهل والأصدقاء عبر طلبات مالية زائفة أو توقيعات إلكترونية مزورة.

• التشهير بالمتوفى أو نشر تصريحات مزيفة بأهداف مادية أو سياسية.

• استغلال الثقة الرقمية التي كان يتمتع بها المتوفى لتحقيق مكاسب غير مشروعة.


هل نعدل نصوص "انتهاك حرمة الموتى"؟


القوانين الجنائية التقليدية التي تحمي حرمة الموتى تركز على منع التشويه والسب بعد الوفاة، لكنها لا تغطي بشكل كافٍ الآليات الرقمية والتقنيات الحديثة التي تنطوي على انتحال الهوية الرقمية واستخدام الذكاء الاصطناعي، وتعديل هذه النصوص قد يُضفي حماية جزئية، لكن سيظل غير قادر على مواجهة الأبعاد التقنية المعقدة لهذه الجريمة.


تشريع يجرم " استغلال الهوية الرقمية بعد الموت"؟


الحاجة ملحة لوضع تشريع شامل ومستقل يعالج ظاهرة استغلال الهوية الرقمية بعد الوفاة، ويُطلق عليه مثلاً "جريمة استغلال الهوية الرقمية بعد الموت "، وهذا التشريع يجب أن:

• يحدد بوضوح مفهوم الهوية الرقمية بعد الموت وحقوق المتوفى الرقمية.

• يعاقب استخدام الأصوات والصور والنصوص الرقمية للمتوفى في الاحتيال والتشهير.

• ينظم مسؤوليات المنصات الرقمية وشركات التكنولوجيا في حماية حسابات المتوفين واستقلاليتها.

• يوفر إجراءات قانونية واضحة للعائلات لطلب حماية الحقوق الرقمية أو إزالة المحتوى المزيف.


خلاصة


ظاهرة سرقة الهوية الرقمية بعد الموت واستخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء المتوفى تشكل ثغرة قانونية وأخلاقية خطيرة تتطلب رداً تشريعياً قوياً ومرناً، وتعديل نصوص حماية حرمة الموتى لم يعد كافياً، فالتحولات التقنية تحتاج إلى جريمة متخصصة باسم "استغلال الهوية الرقمية بعد الموت" تصون للمتوفى حقه الرقمي وتحمي ذويه من الأضرار الناجمة عن استغلال هويته الرقمية بعد وفاته.

والتشريع الحديث سيكون رافعة لحماية المجتمع من جرائم رقمية دخيلة على النظام القانوني، ويضع إطاراً قانونياً لمواجهة الانتهاكات الرقمية التي تتجاوز حياة الإنسان لتطال حتى ما بعد مماته.

NomE-mailMessage