بقلم : على عبد العزيز
نجح الكاتب محمود فتحي في تقديم سيرة ذاتية إيجابية لشخصية المستشار تركي آل الشيخ وإنجازاته، لكنها تفتقر إلى العمق النقدي والمسافة الموضوعية التي تميّز السير الذاتية التحليلية حيث "الوجه الإيجابي" الذي أراد إظهاره، لكنه لم يقدم بالضرورة "الوجه الآخر" بمعنى الكشف عن جوانب خفية أو معقدة، بل قدم وجهاً مصقولاً. ومع ذلك يمكن وصف هذا العمل بأنه "سيرة إنجازات" أو سيرة احتفائية تهدف إلى تقديم صورة إيجابية ومشرقة للمستشار تركي آل الشيخ، كرد فعل على ما يراه الكاتب "صورة إعلامية سلبية". وينجح الكتاب في تحقيق هذا الهدف بوضوح، ولكنه في سبيل ذلك يُضحِّي بالحياد النقدي والعمق التحليلي في عدة مواضع.
يتميز الكتاب بتغطيته الواسعة لمختلف جوانب حياة المُترجَم له. ينتقل الكاتب بسلاسة من الجذور التاريخية العريقة لعائلة "آل الشيخ"، إلى النشأة والتكوين الشخصي، ثم المسيرة المهنية والإنجازات البارزة، وصولاً إلى تحليل شخصيته وتأثيره. هذا الهيكل المنطقي والمتسلسل يمنح القارئ خريطة طريق واضحة لفهم الشخصية من أبعاد متعددة.
ويُعد الكتاب مصدراً جيداً للمعلومات المجمّعة حول المستشار تركي آل الشيخ. تم تقديمها في فصول مثل "عائلة آل الشيخ" و"حفيد الإمام" تقدم تفاصيل دقيقة حول نَسَبِه ومسيرته التعليمية والمهنية المُبَكِّرَةِ. كما أنَّ فصلي "الإنجازات" و"موسم الرياض" يوفران سجلاً حافلاً بالمشاريع والمناصب التي تولَّاها، مِمَّا يجعله مرجعاً سريعاً لمن يرغب في الاطلاع على مسيرته.
واعتمد الكاتب لغة صحفية مباشرة وسهلة الفهم، تتجنب التعقيد والمصطلحات النخبوية. هذا الأسلوب يجعل الكتاب متاحاً لشريحة واسعة من القراء، ويساهم في إيصال رسالته بفعالية وسرعة.
ونجح الكاتب والكتاب في إبراز جوانب قد لا تكون معروفة للعامة، مثل علاقته بوالديه وجدته، وقصة زواجه، وموهبته الشعرية التي حظيت باهتمام فنانين كبار. هذا التركيز على الجانب الشخصي يُضفي لمسة إنسانية على الصورة العامة له كمسؤول ورجل أعمال.
كما حفل الكتاب بالعديد من النقاط السلبية التي بدت كمظاهر ضعف أبرزها
غياب النقد والحياد: وهذه هي نقطة الضعف الجوهرية في الكتاب. فعلى الرغم من أن المقدمة تشير إلى أن دافع الكتابة هو الرد على "بعض وسائل الإعلام"، فإن العمل لا يناقش هذه الانتقادات أو يفندها، بل يتجاهلها تماماً ويقدم رواية أحادية الجانب شديدة الإيجابية. حيث أكثر الكاتب من سرد الإنجازات: وتم عرضها كسلسلة من النجاحات المطلقة دون ذِكْر أي تحديات واجهتها المشاريع، أو انتقادات وُجِّهت لها، أو حتى إخفاقات محتملة.
التكرار والتداخل بين الفصول: هناك تكرار ملحوظ للمعلومات في فصول مختلفة.، مع تكرار نفس المعلومات أحياناً.و كان من الممكن دمج هذه المعلومات بشكل أكثر إحكاماً لتجنب الحشو.
السطحية في تناول بعض القضايا: يطرح الكتاب أفكاراً مثيرة للاهتمام لكنه لا يتعمق في تحليلها. أما من الناحية الفنية، الكتاب بسيط جداً في تصميمه. هو عبارة عن نص سردي متواصل يفتقر إلى العناصر البصرية مثل الصور الفوتوغرافية التي كان من شأنها كسر رتابة النص وإثراء المحتوى، خاصة في فصول الإنجازات وموسم الرياض.
وعموما فإن كتاب "الوجه الآخر لتركي آل الشيخ" هو عمل يندرج تحت "صحافة السيرة الذاتية" أكثر من كونه سيرة أدبية نقدية. هو أشبه بملف شخصي مطول ومفصل، مكتوب بلغة إيجابية وداعمة.