JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Accueil

الجنرال محمود الجوهري.. أيقونة الكرة المصرية والعربية التي لم تتكرر

 

الجنرال محمود الجوهري.. أيقونة الكرة المصرية والعربية التي لم تتكرر


إعداد : ترياء البنا 



ليس أحد رموز الكرة المصرية لاعبا ومدربا، على مستوى الأندية والمنتخبات، بل هو الرمز الأول والأهم، فهو الأسطورة التي لم تتكرر حتى الآن، أول مدرب وطني يحظى بحب واحترام الجماهير المصرية بكافة انتماءاتها، إنه الحاضر دائما رغم غيابه الجنرال محمود الجوهري.  


وُلد محمود الجوهري 20 فبراير 1938 بحلوان، حصل على شهادة الكلية الحربية، وبكالوريوس العلوم العسكرية 1957، وعمل ضابطا بسلاح الإشارة لمدة 20 عاما شارك خلالها في حرب أكتوبر 1973، واستقال من عمله عام 1977.


كان الجوهري عاشقا لكرة القدم منذ الصغر، بدأ مشواره الكروي رفقة ناشئي الأهلي، ثم انضم إلى المنتخب الوطني عام 1958، وخاض مع الفراعنة كأس الأمم الأفريقية 1959، وحصل على لقب الهداف برصيد ثلاثة أهداف، اعتزل الجوهري عام 1966، واتجه إلى التدريب عام 1973، كما عمل مساعدًا لعبده صالح الوحش في الأهلي.


خاض الجوهري مسيرة تدريبية مرصعة بالإنجازات، فهو من أوائل المدربين الوطنيين الذين قادوا منتخبهم إلى الفوز بكأس الأمم الأفريقية، كما كان أول مدرب مصري يصل بالمنتخب إلى نهائيات كأس العالم إيطاليا 1990،بعد 56 عاما من مشاركة مصر في مونديال 1934، والذي استصافته أيضا إيطاليا، كما أنه أول مدرب مصري درب الأهلي عام 1982 وحصل معه على لقب دوري أبطال أفريقيا، للمرة الأولى في تاربخ النادي، وحينما درب الزمالك حقق معه بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري، وكأس السوبر الأفريقي.


قاد الجوهري منتخب عمان في كأس الخليج 1996، وكان للجوهري تجربة تاريخية مع المنتخب الأردني الذي وجد ضالته المنشودة في الجوهري عام 2002، حيث عمل مديراً فنياً ومخططاً استراتيجياً للكرة الأردنية، حتى أيامه الأخيرة عام 2012- على مدار ولايتين- مسجلا مع النشامى قصة نجاح لن تنسى، بدأت بتولي مسؤولية الإدارة الفنية للمنتخب الأول خلفاً للصربي برانكو سميليانيتش، لتبدأ مرحلة جديدة للكرة الأردنية مع تاريخ من الخبرات للنجم المصري الذي بدأ مغامرة محفوفة بالمخاطر بعد تجارب عالمية وقارية مميزة.


ولم تحقق الكرة الأردنية أيا من أهدافها قبل مجيء الجوهري، خاصة على المستوى القاري، رغم أن النشامى حققوا ذهبية دورة الألعاب العربية مرتين عامي 1997 في بيروت و 1999 في عمان، في المقابل جاء الجوهري محملاً بتاريخ ناصع من الإنجازات والألقاب في العديد من المحطات مع الأندية المصرية ومنتخب مصر.


جاءت البداية مع بطولة غرب آسيا في دمشق وقدم خلالها الأردن مستوى لافتا، وكاد أن يلامس اللقب بعدما وصل إلى المباراة النهائية وتقدم فيها على العراق بهدفي مصطفى شحدة وعامر ذيب، لكن منتخب أسود الرافدين قلص الفارق أولاً عبر رزاق فرحان ثم أدرك التعادل بواسطة السفاح يونس محمود قبل أن يقتنص حيدر مجيد الفوز بهدف ذهبي ليطير بالكأس إلى بغداد.


ورغم أن الأحلام الأردنية بقيادة الجوهري تبخرت بضياع التتويج بلقب غرب آسيا، إلا أن ذلك كان بمثابة إشارة قوية على بزوغ فجر جديد للنشامى بعد المستويات الرائعة التي قدمها المنتخب في وقت قصير ظهرت عليه بسرعة لمسات الخبير المصري المحنك.


استهدف الجوهري الوصول بالمنتخب الأردني إلى نهائيات كأس آسيا وبدأ بالفعل التحضير لذلك لكن البداية كانت صادمة عندما تلقى خسارة كبيرة أمام إيران 1-4 في أولى مبارياته ضمن المجموعة الرابعة من التصفيات، وجاء الرد الأردني مدوياً، ليس بسبب الفوز في لقاء الإياب على إيران في عمان بثلاثة أهداف مقابل هدفين فحسب، بل بالمستوى الرائع الذي قدمه اللاعبون في تلك المباراة، والتي تعد واحدة من المباريات التي ستظل عالقة في الذاكرة الكروية الأردنية.


كان ذلك الفوز بمثابة الانطلاقة الصاروخية للمنتخب الأردني في التصفيات ونجح بعدها بالفوز على لبنان مرتين 1-0 و 2-0 ثم الفوز على كوريا الشمالية مرتين أيضاً بثلاثية نظيفة في عمان 3-0 واعتبار الأخير خاسراً في لقاء الإياب، ليحتل بذلك النشامى المركز الثاني بفارق الأهداف خلف إيران ويتأهل إلى النهائيات القارية للمرة الأولى في تاريخه، تحت قيادة فنية مصرية. وقدم النشامى مستويات مميزة في النهائيات بدأوها بالتعادل السلبي أمام كوريا الجنوبية، ثم الفوز القاتل على الكويت بهدفي خالد سعد وأنس الزبون، ليتوج بعدها مشوار الدور الأول بالتعادل السلبي أمام الإمارات ويرافق كوريا الجنوبية إلى الدور ربع النهائي، 

ويصبح المنتخب الأردني العنوان الأبرز في صحف ووسائل الإعلام المختلفة في قارة آسيا التي أفردت مساحات واسعة لتلك المجموعة القادمة من غرب آسيا بالتزامن مع التركيز على السر وراء ذلك المستوى الذي أبهر الجميع، فكان للجوهري أيضاً نصيب الأسد من عبارات المدح والثناء، ليقرر الملك عبدالله الثاني الوقوف خلف الفريق من الملعب خلال مباراة الدور ربع النهائي أمام اليابان.


احتاج المنتخب الأردني لـ"11" دقيقة فقط ليثبت أن وصوله إلى ربع النهائي لم يكن مجرد صدفة بعد أن تلاعب الظهير الأيسر خالد سعد بالدفاع الياباني قبل أن يعكس كرة عرضية على رأس المهاجم المتألق محمود شلباية الذي أسكنها بحرفنة في الشباك، لكن الفرحة الغامرة لم تدم سوى دقيقتين حتى أدرك "الساموراي" التعادل" الذي استمر في الوقتين الأصلي والإضافي.


وضع الجوهري خبرات السنين في اللحظات المصيرية للنشامى الذي بدأ تسديد ركلات الجزاء بشكل جيد عكس منافسه اليابان وكان على أعتاب التأهل إلى المربع الذهبي، لكن الأحداث الدراماتيكية أطاحت بالنشامى من البطولة في سيناريو لا يتكرر كثيراً في عالم كرة القدم، وحظى منتخب الأردن باستقبال الأبطال بعد العودة من الصين، لينطلق مشوار آخر من الأحلام المنتظرة وهي الوصول إلى كأس العالم 2006، وكان الفريق يسير بالاتجاه الصحيح عندما أنهى مرحلة الذهاب متصدراً للمجموعة الأولى بثلاثة انتصارات متتالية على لاوس 5-0 وإيران وقطر بالنتيجة ذاتها 1-0، لكنه خسر في الإياب أمام إيران وقطر 0-2 ليحتل المركز الثاني ويودع المنافسات مؤجلاً حلم العبور إلى المونديال إلى إشعار آخر.


ولم ينجح النشامى مع الجوهري بتجاوز التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2007 بعد احتلاله المركز الثالث في المجموعة الثالثة خلف الإمارات وعمان، ليأتي بعد ذلك الخروج من دور الأربعة لبطولة غرب آسيا التي كانت آخر عهد للمدرب المصري مع المنتخب الأردني.


في عام 2009 عاد الجوهري مخططاً ومستشاراً فنياً لكرة القدم الأردنية فصبّ اهتمامه على عمل مراكز الأمير علي للواعدين، ذلك المشروع الرائد الذي تأسس عام 2003 تحت إشرافه، وبدأ مرحلة طويلة من التخطيط للكرة الأردنية لتجني ثمارها لاحقاً بعد وصول الأردن إلى الدور الحاسم المؤهل إلى كأس العالم 2014 ومشاركته المتكررة في نهائيات كأس آسيا.


تجسد الوفاء الأردني في أزهى صوره بعدما توفي الجوهري في عمان يوم الثالث من سبتمبر 2012 فكانت جنازته العسكرية المشهودة بمثابة أبرز تكريم للجنرال" وعرفاناً وتقديراً لبصمته المؤثرة في كرة القدم الأردنية، قبل أن ينقل جثمانه إلى القاهرة حيث أقيمت له مراسم تشييع عسكرية. 


مع الجوهري وصل الأردن إلى المرتبة 37 في التصنيف العالمي لشهر أغسطس عام 2004، ليُضاف ذلك إلى سلسلة تاريخية من الإنجازات التي حققها المدرب، بعد قيادة منتخب مصر إلى مونديال 1990 وقبل ذلك الفوز مع الأهلي المصري بلقب دوري أبطال أفريقيا 1982، والبطولة ذاتها وبطولة السوبر الأفريقي مع الزمالك عام 1993.


وفي 1998 نجح الجوهري بتحقيق إنجاز فريد وغير متوقع، حينما قاد مصر للفوز بكأس الأمم الأفريقية بعد أن سبق وظفر بها لاعباً مرتين عامي 1957 و1959، ليترجل الراحل، الذي قال عنه الأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني: إن الحصول على جائزة اعتراف وتميّز من الاتحاد الآسيوي تقديراً لتطوير وإعداد لاعبي كرة القدم للمستقبل، لم يكن ليتحقق دون حكمة وبُعد نظر الراحل الكابتن محمود الجوهري الذي وضع الأساس لاستراتيجية النهوض بالكرة الأردنية.


محمود الجوهري لم يكن مجرد مدرب أو لاعب بل كان أيقونة خالدّة جسّد معنى الوفاء والانتماء وترك بصمة لا تمحى في كل منتخب وكل ناد مرّ به. الجنرال الذي عاش قلبه على الملاعب وتوهج ذكاؤه على دكة التدريب سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كرة القدم المصرية والعربية أسطورة لم تتكرر ورمزًا للإصرار والعطاء الذي لا ينتهي. وبين الأجيال وبين الجماهير يبقى الجوهري حيًّا شامخًا كما كان واقفًا في كل قلب ينبض بعشق كرة القدم

NomE-mailMessage