JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Home

الشركات التعاونية جسر صغار المزارعين والحرفيين نحو عالم التجارة والنجاح الاقتصادي

 

الشركات التعاونية جسر صغار المزارعين والحرفيين نحو عالم التجارة والنجاح الاقتصادي



بقلم : الدكتور محمد حسين الضاهر


في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه صغار المزارعين والحرفيين على حد سواء، من محدودية الموارد إلى صعوبة الوصول إلى الأسواق، تبرز الشركات التعاونية كأحد الحلول الأكثر فاعلية واستدامة لتمكينهم وتحويلهم إلى فاعلين اقتصاديين قادرين على المنافسة والنجاح، وهذه الشركات ليست مجرد تجمعات تعاونية تقليدية، بل هي كيانات تجارية متطورة تجمع بين روح التعاون وأدوات السوق، ما يجعلها جسراً حيوياً يربط بين الإنتاج الزراعي والحرفي والتجارة الفعلية.


العمق الاقتصادي والاجتماعي لدور الشركات التعاونية في دعم المزارعين والحرفيين


توفر الشركات التعاونية إطارًا متكاملاً يمكّن صغار المزارعين والحرفيين من تجاوز التحديات الأساسية التي تعيق نموهم الاقتصادي، والتي تشمل ضعف القدرة التفاوضية، وارتفاع تكاليف التسويق، وصعوبة الحصول على التمويل، بالإضافة إلى القيود التنظيمية وضعف البنية التحتية ونقص الدعم المؤسسي، ومن خلال توحيد الجهود والموارد، تتيح هذه الشركات تحقيق توفير في التكاليف عبر زيادة حجم الإنتاج، مما يؤدي إلى كفاءة أعلى في عمليات الإنتاج والتوزيع، ويعزز فرصهم في المنافسة والنجاح في الأسواق.


• التمويل الذاتي والمرونة الاقتصادية: على عكس الجمعيات التعاونية التي تعتمد في كثير من الأحيان على الدعم الحكومي أو المنح، تتمتع الشركات التعاونية بمرونة أكبر في إدارة مواردها المالية، إذ تستثمر أرباحها بشكل مستدام في تطوير البنية التحتية الزراعية والحرفية، وتوسيع أنشطتها التسويقية، مما يعزز استقلاليتها ويقلل من الاعتماد على الدعم الخارجي.


• التسويق الاحترافي وتوسيع الأسواق: تدير الشركات التعاونية قنوات تسويقية متقدمة تتيح لصغار المزارعين والحرفيين الوصول إلى أسواق محلية وعالمية، مع التركيز على تحسين جودة المنتج، وتوفير التعبئة والتغليف الملائم، والامتثال للمعايير الصحية والبيئية، وهو ما يعزز من القدرة التنافسية ويزيد من العائدات المالية.


• التدريب وبناء القدرات: لا يقتصر دور التعاونيات على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى تطوير مهارات الأعضاء من خلال برامج تدريبية متخصصة في الإدارة الزراعية، الحرفية، التسويق، والتكنولوجيا الحديثة، مما يرفع من مستوى الإنتاجية ويجعل الأعضاء أكثر قدرة على التعامل مع متغيرات السوق والتحديات المناخية.


الفرق الجوهري بين الشركات التعاونية والجمعيات التعاونية:

تتميز الشركات التعاونية بعدة مزايا تجعلها أكثر فاعلية في دعم صغار المزارعين والحرفيين مقارنة بالجمعيات التعاونية التقليدية:


• الربحية والاستثمار: تسمح الشركات التعاونية بتحقيق أرباح أكبر وإعادة استثمارها في تطوير الأعمال، بينما الجمعيات غالبًا ما تقتصر على هامش ربح محدود.


• الاستقلالية: تعتمد الشركات التعاونية بشكل أكبر على مواردها الذاتية، مما يعزز من استقلاليتها وكفاءتها في السوق ويقلل من الاعتماد على الدعم الحكومي أو المنح.


• الهيكل الإداري والتجاري: تتمتع الشركات التعاونية بهيكل إداري وتجاري مرن يسمح لها بالتوسع والتعامل مع الأسواق بشكل احترافي، مع القدرة على توقيع العقود والدخول في شراكات استراتيجية.


• توزيع الأرباح والحقوق: توزع الأرباح بناءً على مساهمة الأعضاء في النشاط التجاري وليس فقط على رأس المال، مع ضمان مساواة الأصوات بين الأعضاء، مما يعزز العدالة والمشاركة الفعالة.


التحديات التي تواجه الشركات التعاونية وسبل معالجتها:

رغم المزايا الكبيرة، تواجه الشركات التعاونية تحديات متعددة:


• ضعف القدرات الإدارية: الحاجة إلى تطوير مهارات الإدارة والحوكمة لضمان شفافية وفعالية العمل.


• التشريعات غير الملائمة: ضرورة تحديث القوانين لتسهيل تأسيس الشركات التعاونية وتشجيع الاستثمار فيها.


• المقاومة الثقافية: تغيير نظرة بعض المزارعين والحرفيين الذين يفضلون العمل الفردي بدلاً من التعاون.


لمواجهة هذه التحديات، يجب تبني سياسات شاملة تشمل الدعم الفني، توفير التدريب المكثف، تحفيز الابتكار، وتسهيل الوصول إلى التمويل، إضافة إلى حملات توعية لتعزيز ثقافة التعاون.


تجارب عالمية ملهمة:


شهدت العديد من الدول نجاحات كبيرة في تطوير التعاونيات الزراعية والحرفية، مثل:


1- تجربة تعاونية "أمول" في الهند: الثورة البيضاء في صناعة الألبان


تُعد تعاونية "أمول" واحدة من أنجح نماذج التعاونيات الزراعية على مستوى العالم، حيث لعبت دوراً محورياً في تحويل الهند إلى أكبر منتج للألبان في العالم، وتأسست "أمول" في ستينيات القرن الماضي، واستطاعت تنظيم ملايين المزارعين الصغار ضمن شبكة تعاونية متماسكة تقوم بجمع الحليب ومعالجته وتسويقه بشكل جماعي.


2- منصة M-Farm في كينيا: دمج التكنولوجيا مع التعاون الزراعي


في كينيا، نجحت منصة M-Farm الرقمية في سد فجوة كبيرة بين المزارعين الصغار والأسواق، من خلال مبادرات رقمية تربط المزارعين مباشرة بالمشترين عبر الهواتف المحمولة، وتوفر لهم بيانات فورية عن الأسعار وفرص البيع بالجملة، مما يعزز دخلهم ويقلل من الوسطاء.


الخاتمة


تمثل الشركات التعاونية مستقبلًا واعدًا لصغار المزارعين والحرفيين، إذ توفر لهم الأدوات والفرص اللازمة للانتقال من مجرد منتجين إلى تجار ناجحين قادرين على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، من خلال دمج مبادئ التعاون مع آليات السوق، تتيح هذه الشركات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين مستوى المعيشة في المجتمعات الريفية، والاستثمار في تطوير ودعم الشركات التعاونية هو استثمار في مستقبل الزراعة والحرف اليدوية والتنمية المستدامة، ويجب أن يكون أولوية لكل من الحكومات والمؤسسات التنموية والقطاع الخاص.

NameEmailMessage