JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Home

الدكتور محمد حسين عبدالله يكتب بين الفقر والجريمة : كيف يشكل الاقتصاد الاجتماعي مستقبل المجتمعات؟

بين الفقر والجريمة : كيف يشكل الاقتصاد الاجتماعي مستقبل المجتمعات؟
الدكتور محمد حسين عبدالله 



بقلم: د . محمد حسين عبد الله


تشكل العلاقة بين الفقر والجريمة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث، حيث يُعد الفقر أحد العوامل الاقتصادية والاجتماعية الأساسية التي تدفع بعض الأفراد إلى الانخراط في السلوك الإجرامي، وفي هذا السياق، يبرز الاقتصاد الاجتماعي كأداة فعالة تسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا للمجتمعات من خلال معالجة جذور الفقر والبطالة وتعزيز القيم الاجتماعية.


 الفقر والجريمة: علاقة متشابكة


تشير الدراسات إلى أن الفقر لا يقتصر تأثيره على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد ليشمل الأبعاد الاجتماعية والنفسية التي تؤثر في سلوك الأفراد، فالضغوط الاقتصادية الناتجة عن البطالة، وانعدام فرص التعليم والعمل، تزيد من احتمالية ارتكاب الجرائم، خاصة بين الشباب والفئات الهشة، كما أن الفقر يولد شعورًا بالحرمان والإحباط، ما يفتح المجال أمام السلوكيات الإجرامية كوسيلة للبقاء أو تحسين الوضع المعيشي.


بالإضافة إلى ذلك، يساهم الفقر في تفكك الروابط الأسرية والاجتماعية، ويضعف القيم الأخلاقية التي تلعب دورًا وقائيًا ضد الجريمة، وهذا ما يؤكده خبراء الصحة النفسية الذين يشيرون إلى أن الانعدام الأخلاقي في المجتمع، إلى جانب غياب دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية، يزيد من معدلات الجريمة.


 الاقتصاد الاجتماعي: أداة للتغيير والتنمية


يقدم الاقتصاد الاجتماعي نموذجًا متكاملاً يربط بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، ويهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للفئات الضعيفة من خلال:

• تمكين الأفراد اقتصاديًا: عبر توفير فرص العمل والتدريب المهني، مما يرفع من كلفة الفرصة البديلة للجريمة ويقلل من جاذبيتها.

• تعزيز التماسك الاجتماعي: من خلال دعم المبادرات المجتمعية التي تبني شبكات دعم وتعاون بين أفراد المجتمع، ما يحد من شعور العزلة ويعزز الانتماء.

• الحد من الفقر والبطالة: عبر سياسات توزيع عادلة للثروات والفرص، وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي التي تحمي الفئات الأكثر هشاشة.

• ترسيخ القيم الدينية والأخلاقية: التي تلعب دورًا هامًا في الوقاية من الجريمة، حيث تؤكد الدراسات أن غرس القيم الاجتماعية يساهم بدرجة كبيرة في مكافحة السلوك الإجرامي.


 تجارب ناجحة في الاقتصاد الاجتماعي

 

من التجارب الملهمة في هذا المجال، تجربة بنك "بال فيكاس خزانة" في دلهي، الذي يقدم قروضًا صغيرة للشباب لتمويل مشاريع اقتصادية، ويُدار من قبل الأعضاء أنفسهم بعد تدريبهم على مهارات الادخار والإقراض، وساهم هذا البنك في تحسين معيشة آلاف الأطفال الفقراء ووقاهم من الانزلاق إلى عالم الجريمة.


 دور السياسات المتكاملة لتحقيق أثر فعّال


يجب أن تتكامل جهود الاقتصاد الاجتماعي مع برامج التعليم، الصحة النفسية، ومكافحة الإدمان، إضافة إلى تعزيز الشرطة المجتمعية، لضمان بيئة آمنة ومستقرة، كما أن سرعة تنفيذ العقوبات القانونية وإبرازها تلعب دورًا في ردع الجرائم وتقنينها بين الفئات المختلفة.


 الخلاصة 


يشكل الاقتصاد الاجتماعي مستقبل المجتمعات من خلال معالجة أسباب الجريمة المرتبطة بالفقر والبطالة والحرمان الاجتماعي، فهو يوفر إطارًا شاملاً لتمكين الأفراد وتعزيز القيم الاجتماعية، مما يؤدي إلى تقليل معدلات الجريمة وبناء مجتمعات أكثر أمانًا وعدالة، وإن الاستثمار في الاقتصاد الاجتماعي ليس خيارًا بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة والسلام الاجتماعي.

NameEmailMessage