JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

خيوط الخيوط ٤

خيوط الخيوط ٤




لا يمكن تصور الأدب بدون بُعده الإنساني، والأدب بشكل عام ينسب للإنسانية إنسانيتها. 

وفي قصص الأستاذة ماجدة هارون تنسج بخيوط من حرير حكايات العيد وهناء وشيرين وسيدة طبق الفول. 

لا أبالغ حين أقول أن كل قصة من القصص الثلاثة يمكن أن نصنع منها رواية طويلة مشبعة بأحداث وتفاصيل تلقيها لنا الأستاذة ماجدة هارون دفعة واحده كمن يتخلص من ثقل على كتفيه. 

ففي قصة العيد نحن أمام حالة فريدة بأسرة يحتفل أفرادها بأعياد الديانات الثلاثة فالأصل وهو الأقدم يحتفل بالأعياد اليهوديّة والفرع الأول يحتفل بالأعياد المسيحية والفرع الثاني يحتفل بالأعياد الإسلامية، كأننا نتابع تاريخ الديانات الثلاثة مصغرة، قديمها وجديدها فى رسالة واضحة أننا يمكن أن نعيش معا ونتصالح، بل ونحتفل. 

أما القصة الثانية هناء وشيرين فهي قصة مفعمة بالإنسانية وهي أيضا تحمل الأجيال الثلاثة الأحفاد (هناء وشيرين) والآباء والأجداد، تحمل حبهم وخفوهم من المستقبل وخوفهم من الموت، بل والموت ذاته.

والقصة الثالثة (سيدة الأجيال) والمعنونة بسيدة طبق الفول، فالساردة تتذكر أمها مارسيل التي كانت تعد طبق الفول وتعد معه عائلة جاء أصلها فرنسي أسباني وتشكلت فى مصر وانتجت أجيال تعاقبت، وكانت هي آخره في مصر تزوجت من محامي وعملت معه كتفا بكتف، وتحملت أعتقالته المتتالية وانتهت بمرضه ووفاته. 

نتستطيع مما سبق أن نتفق على أنها روايات حملت في طياتها حيوات لأجيال متعسة تشمل الإنسانيّة بمخاوفها، وإيمانها وتعايشها وسلامها. 

وزيادة فى التسامح تعطينا الأستاذة ماجدة هارون أمثلة في قصصها لروعة النفس البشرية حين تتخلى عن أنانيتها وتنسحب نحو ضعفها فيبرز جمالها، ففي قصة هناء وشيرين تقول"تتذكر الكبيرة خوفها على الصغيرة، وقيامها برسم وردة على فخذها بالحبر، ظنًّا منها أن تلك العلامة ستساعدها في العثور عليها إن ضاعت أو اختطفها الأشرار" فما أقبح الخوف وما أجمل تصوريها له، إذ لا يمكن أن تمر الكلمات السابقة بعفويهتا الطفولية على عقلك، ووجدانك مرور الكرام، ثم هي تختتم القصة بكلمات تجعلك فى حالة ذهول من الصدمة إذ لا شر سوى الموت، وكل شرير يمكن التخلص منه أما هذا فلا؛ فتقول: "وفي لحظات ذهبت مع الشرير".

وليس الخوف وحده أو الحزن من السمات الإنسانية البارزة في القصص؛ إذ للتسامح نصيب ففي قصة سيدة طبق الفول تقول:" الكره سهل ولكنه ثقيل الحمل، أما السماح أصعب ولكن حمله أخف" بهذه العبارة الضاربة في غور النفس السوية تطرح الكاتبة تساؤلا هاما، هل حمل الكره صعبا حقا؟ وهل على كل النفوس؟ إن نفسا ترى الكره صعبا لا يمكن أن تؤذي أحدا، فما بالك بما هو أعقد، كالحسد وصولا للقتل، وهل حمل السماحة أخف حقا؟ أكاد أجزم أن هناك أناسا لا تستطيع نسيان أنها سامحت.

وبالتالي تتحدث الكاتبة دائما عن الفنوس السوية المستقيمة التى تخاف الفقد وتجزع من الألم والموت، وتتحمل سياط الزمان ومهانته. 

لذا يمكن أن نقول إن الكاتبة قدمت لنا عرضا إنسانيا لا تشوبه شائبة سوى التكثيف الذي يمكن وضعه في قصص وروايات.

 خيوط الخيوط ٤

alkhabralmasry7

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة