JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

خيوط الخيوط ١

خيوط الخيوط ١





بقلم : أحمد ابوسيف


تمهيد

في هذه السلسلة من المقالات ألقي الضوء على المجموعة القصصية خيوط النول وهي مجموعة قصصية نتاج لورشة الأديبة الكبيرة منى الشيمي، من إصدار دار هن عام ٢٠٢٢.

 وسأخصص مقالا لقراءة القصص الثلاثة لكل كاتب،  وستكون هذه المقالات مرتبة حسب ترتيب  الكتّاب بالمجموعة. 

في هذا المقال سأقدم قراءة لقصص الكاتبة داليدا عبد النور وهي عبارة عن:(اجتماع طارىء، مدام نسمة، موعد مع وقف التنفيذ) 

وبما إن العنوان هو البوابة الأولى للقصة نستطيع القول بإن الكاتبة استطاعت أن تقدم لنا لمحة عن كل قصة في العنوان ففي القصة الأولى تسرد لنا الكاتبة بلغتها الرشيقة تفاصيل الاجتماع الطارئ الذي أمر به المدير لمناقشة أمر هام في العمل، ولنكتشف من بعدها أنها تبرز لنا نمطين من البشر المحيطين بنا في كل مكان المدير المتباهي بللا شيء، والموظف الذي يعرف من أين تأكل الكتف، رغم علمه الحقيقي واليقيني بعبثية كل شيء، أما القصة الثانية (مدام نسمة)، فهي سيمفونية إنسانية تعزف على وتر الغور البشري، فتكشف لنا حياة نسمة منذ طفولتها مرورا بشبابها وشيبها، من خلال حدث واحد، والطريف في هذه القصة إن التذكر كان تلقائيا ويسهل التعامل معه ولا تشعر فيه بثقل التذكر على اللحظة واستخدمت الكاتبة لذا حيل سردية منها رؤية ما يذكرها، أو محادثة السكرتيره هاتفيا لامرأة أخرى. 

أما القصة الثالثة فهي (موعد مع وقف التنفيذ) فتحكي لنا الكاتبة فيها عن وعد فتاة عاملة لشاب باللقاء وتحديد الزمان والمكان إلا أن العمل يحول دون ذلك، وهي أيضا هنا تكشف لنا عن جانب مهم من جوانب البشر ونماذج أكثر أهمية وانتشارا. 

*الشخصيات: في قصص الكاتبة تبرز لنا نماذج من شخصيات تكشف واقع اجتماعي في قالب ساخر أحيانا وجاد أحايين أخرى. 

فالشخصية الأبرز في القصص الثلاثة هي شخصية مدام نسمة، هذه الفقيرة العائلة لأسرة كبيرة، وليس هذا هو المهم إنما المهم هو التشوش الذي أصابها جراء الفقر ونستطيع القول بالواقعية التي تعلمتها، فهي لم تقتنع أن يمكن أن تفوز بالأم المثالية رغم ما قدمت من تضحيات في سبيل بناء هذا الكم من الأبناء والأحفاد، فقد قارنت نفسها داخليا عدم حصولها على مؤهل متوسط، مقارنة بالدكتوراة التي حصلت عليها المرشحة الأخرى، فيما قارنت (داخليا أيضا) بين نسبها ونسب المرشحة بنت الوزير السابق، ووصلت لنتيجة يقينية مفادها أنه لا يمكن اختياري وبالتالي فضلت الانصراف. 

ومن السابق يمكن القول أن الفقراء حسب رأي الكاتبة أقل ثقة بأنفسهم وبما يقدمون مهما كان عظيما، ويمكن قراءة هذا أيضا وفق رؤية اجتماعية تجعلنا نقول أن الطبقة الأرستقراطية مقدمة دائما على الطبقة البرجوازيّة فضلا عن الطبقة الكادحة (الدنيا). 

الشخصية الثانية وهي شخصية فريد بطل قصة (اجتماع طارىء) فريد شخص ذكي وواقعي إلى حد بعيد يحمل سخرية اجتماعية تبرزها الكاتبة عن طريق المونولوج والذي لعب-وهذا أمر طبيعي- في إبراز مكنونات الشخصيات عند نسمة وفريد، ففريد حسب القصة يتعامل مع مدير يحب الزهو بنفسه ويعشق المدح، ويكرر فخره بنفسه في كل موقف وبالتالي يعرف فريد حركاته وسكناته عن ظهر قلب. 

أما القصة الثالثة فقد أوضحت لنا شخصية الأستاذة التي لا تستطيع التفكير سوى في العمل لدرجة طغى فيها العمل حتى على روحها فمن الطبيعي إذا واعدت المرأة رجلا أن تهتم لموعدها وتحاول أن تتأنق وتذهب في كامل بهاءها وإذا بالكاتبة تعكس لنا الموضوع بالكلية فنحن هنا أمام رجل يتأنق ويختار لبسه بعناية ويختار عطر خاص ويذهب قبل الموعد المحدد وفتاة تتذكر موعده برسالة تذكير من هاتفها ولا تستطيع التخلص من أعباء العمل وتنتهي القصة بالإعتذار عن الموعد. 

إذا نحن هنا أمام نموذج فريد للمرأة العاملة في أوطاننا ويمكن قراءة الموضوع بشكل أربح في قراءتنا لرؤية الكاتبة. 

* الرؤية: 

في قصة اجتماع طارئ تضع الكاتبة بين يدينا صورة لمجتمع مهتز يهتم بالصورة والتسويق أكتر من اهتمامه بالمنتج "شجرتان وحاوية قمامة تحتاج إلى كل هذا الطبل والزمر!" 

فالقصة هنا لا تخلو من نقد لاذع للمجتمع في قالب من الكوميديا السوداء، كما أنها لا تخلو من لمحة هجائية لدور الإعلام في تضخيم أشياء ضئيلة في حقيقتها، وعبثية الأشخاص القائمين على هذه الأدوار. 

وفي قصة مدام نسمة تأخذنا الكاتبة معها في رحلة للمقارنة بين ما هو عظيم فعلاً، وبين ما يبدو عظيما، لكنها اختارت بذكاء شديد الانحياز للعظمة الحقيقة، بأن تسرد لنا قصة الكفاح الحقيقية للسيدة نسمة التي ربت أبناءها من كدها وعرق يديها بينما تبقى السيدة الحاصلة على الدكتوراه سليلة الوزراء والطبقات العليا خلفية مشوشة تؤثر على الأحداث سلبيا وتحول الفرحة إلى كآبة ثم هروب. 

وفي القصة الثالثة تضعنا الكاتبة أمام مشكلة اجتماعية جديدة وهي تحكّم العمل في أرواح الناس فمن المستحيل أن تكون هذه ردة فعل تلك الفتاة لو لم يكن لديها عمل، لقد تحكّم العمل تماما في حياتها حتى أنها تحوّلت إلى ما يشبه تصرف الرجال. 

وفي النهاية نذكر أن أهم ما يميز هذه القصص الثلاث أنها جاءت وفق القالب المتعارف عليه في القصة القصيرة، حدث مكثف بشخصية أو شخصيتين على أقصى تقدير، كما أن الرؤية واضحة وعظيمة كذلك، وفي قالب لغوي مميز ورشيق. 

فشكرا لداليدا على قصصها الرائعة.

 خيوط الخيوط ١

alkhabralmasry7

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة