د. أحمد شتيه يكتب
"قصة حب في دفتر قاض "
الحب في فلسفتي المتواضعة هو ببساطة انحصار آمالك في شيء أو في شخص . فإذا حُرمته تعست دهرا. وإذا ظفرت به مدة زهدت فيه . هذا التعريف ليس تعسفا قط . بل هو نظر طويل لواقع الحال مع قراءة طبائع النفس البشرية المعقدة .
حين تجد قصص الحب التي ربما كلفت طرفيها ماء وجوههما في سبيل الوصول لنهاية تجمعهما . حين تجد أمثال تلك القصص معروضة بين يدي قاض في دفتر ربما تشبه أوراقه تلك الأوراق التي كانا يتبادلان فيها رسائل حبهما . وتجد المشهد من حيث القساوة بعيد القعر شديد القهر لكل معنى جميل اختلج في صدر أحدهما للآخر يوما .
حين تجد مؤشر الطلاق ينذر بقيامة قريبة. والطرفين واقفين وجها لوجه قد نزعا في قسوة كل وجه للمودة . ليبين على الوجه لا أقول الحقيقي بل على الوجه الذي فرضته عليه نفسه الأنانية في الوقت .
إن قراءة هذا المشهد تحت مجهر الإنسانية تفضي إلى تحليل - لا أقول كارثي - بل أقول بكل فم ممتليء حسرة : تحليل يهدم كل أبعاد المثالية والإحساس في الكون على مستوى الأنفس البشرية .
إن قراءة عميقة لهذا المشهد قد تفضي بمن يقرؤه ذاته إلى اهتزاز في ثوابته ومسلماته هو .
إن المستقريء للمشهد يجد نفسه لا محالة يخط النتائج التالية :
- حالة العشق والهيام التي تدفع صاحبيها ربما لتحدي المجتمع ومعاندة الأقدار حالة مؤقتة . دافعها حب الإنسان نفسه . وأنانيته . وليس حرصه على الآخر . هذا من جهة دسائس النفس على صاحبها تلك التي لا يفطن لها في الحال بل يكون ذلك إدراكا مؤجلا حين تظفر نفسه بما يريد .
- التعلق ( وهم حقيقي ) فهو حقيقي من جهة المعاناة وهو وهم من جهة ما يؤول إليه هذا التعلق حين يستحيل في موقف ما إلى بغض وأشد منه .
- مهما كان التعلق فإن له حدا تتراجع عنده كل المعاني السامية وتتقدم عليها أنانية النفس ورغبتها في السعادة على حساب كل شيء وأي شيء .
- الأنانية التي تدفع أبا أو أما إلى أن يتيتم أبناؤهما بحياة ابويهما معنويا هي المنذر المرعب بقادم أسوأ على مستوى الإنسانية . فكيف تتخيلون مجتمعا ذا نسب جنونية من طلاق أو خلع أو علاقات محرمة يكون حين يشب هذا الجيل ؟!