JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

فقط عشرون دقيقة الصحبة

 




كتبت : هناء عبد الرحيم


أنه الأربعاء  أحد الأيام الطوال  من أيام الأسبوع يبدأ فيه إرهاق الايام الأولى من الأسبوع و توالي التعب و كثرة الأعمال التي يجب أن تنجز ..

خرجت من منزلي في طريقي المعتادة التي عرفها الجميع الآن..انه هذا الطريق الذي أسلكه يوميا من البيت إلى العمل أو من العمل إلى البيت و معاناتي فيه يذكرني بطريق طه حسين في قصته الأيام عندما كان يذهب إلى الأزهر و يعود في نهاية اليوم 

مع فارق كبير فإن كان طه حسين لا يرى طريقه وإنما يحاول أن يرسمه في عقله فأنا أرى طريقي و لله الحمد ولما كان طه حسين قد اتخذ له صديقا يروح ويجيء معه فأنا أسير وحدي في هذه الطريق اشغل عقلي ببعض الموضوعات او اتخذ من نفسي صديقة ابوح لها بكل ما في نفسي بل إنني أحيانا كثيرة اغضب عليها ولا أتحدث معها وأحيانا أخرى أجد سلوتي و سعادتي في هذا الحديث الذاتي الذي قد تخفت أصواته حينا و ترتفع أحيانا أخرى...حتى جاء هذا اليوم 

الأربعاء..

كنت اعبر الطريق لأخذ آخر انعطافة إلى عملي عندما نظرت عن يميني فوجدت سيدة ثلاثينية تجرجر أرجلها و كأن فيها أثقال شديد وكأنها من حديد ربط إلى مغناطيسي ترفعها بكل صعوبة تحاول جاهدة أن تسرع ولكنها تبطئ و تتوقف ..

لم أعرف هل السبب هو تلك الحقيبة الكبيرة التي على ظهرها والأخرى على كتفها ام أن السبب هو تلك الطفلة الصغيرة التي تحملها بين ذراعيها ..ام الكبرى الأخرى ذات الاربع سن ات التي تتشبث بملابس امها و تجذبها إلى الخلف في محاولة للرجوع إلى الخلف إلى البيت ..

تلك الام أصبحت لا تقوى على مقاومة كل تلك الأحمال التي تعوق حركتها وقفت قليلا أنظر وقد اقتربت منها فإذا بها تبتسم لي و تنظر إلى طفلتيها و تقول  :(لقد وصلنا باقي القليل )..

تقدمت منها والقيت عليها السلام و عرضت عليه المساعدة بحمل الحقائب عنها ويكفيها أن تمسك بالطفلتين..كنت أعلم أن الطفلين ترفضان أن أخذهما من الأم  فلم أعرض عليها حمل الطفلة او الإمساك بالأخرى...

في البداية رفضت بشدة ولكن مع الحاحي على المساعدة وافقت شاكرة لي هذا المعروف ..

حملت الحقيبتين و في الحقيقة لقد تفاجأت فقد كانتا ثقيلتين جدا و في دعابة قلت لها :ما هذا...هل بها حجارة ؟؟؟) 

ضحكت و قالت إنها أغراض البنات فأنا ذاهبة الى بيت امي لعدة أيام...ضحكت معها وقلت أنا امزح  ..بارك الله فيك و أطال عمر والدتك ..

تجاذبنا أطراف الحديث من هنا و هناك وعرفت أنها انتقلت حديثا للسكن بجوارنا ولا تعرف أحدا في هذه المنطقة  كنت قد عرفتها بنفسي و تعرفت بها و علمت أنها تسلمت وظيفة جديدة ليست ذات أجر كبير ولكنها راضية والمشكلة الوحيدة هي هاتين الصغيرتين أين تذهب بهما ؟؟

و الآن  هي ذاهبة الى والدتها لتترك عندها البنتين حتى تستقر في العمل و ترتب أمورها. 

اخبرتها بان الحل موجود وان هناك دار حضانة بالقرب من مربعنا السكني و تأخذ الدار الأطفال من عمر شهر واحد ...في الحقيقة كانت سعادتها كبيرة جدا لمعرفة ذلك خاصة أن دار الحضانة تعتبر في الشارع المجاور لبيتها..

سألتني عن المكان بالتحديد فقلت لها سوف نمر  عليها  الآن كي تريها وتعرفي مكانها تحديدا وان كان لديك وقت فالتعرفي بعض التفاصيل عنها .

وانطلقنا إلى الشارع الآخر و سرنا معا إلى الحضانة وأثناء سيرنا لاحظت أن الطفلة الكبرى ذات السنوات الأربع تحاول مداعبتي والإمساك بيدي حينا و العبث بالحقيبة التي أحملها حينا آخر....نظرت لها وابتسمت فبادلتني ابتسامة بابتسامة و نظرة بنظرة في خجل و ترقب..

وإبديت لها اعجابي الشديد بملابسها و ربطة شعرها فابتسمت أكثر و قالت :ماما احضرتها لي .. قلت لها لنشكر ماما قولي شكرا يا ماما 

شكرت الطفلة امها .........وأشرت الى دار الحضانة وقلت :لها هي هذه .

فرحت الأم و شكرتني وقالت:  ازور والدتي ثم أعود لأعرف التفاصيل ..

بعدها سرنا إلى موقف الأتوبيس حيث استقلته و اطمأننت عليها و طفلتيها و عدت إلى عملى و كنت قد تأخرت على موعدي ثلاث دقائق أحمد الله أني كنت قد خرجت من بيتي هذا اليوم مبكرا وإلا كنت من المتغيبين.....نعم إنه الروتين الذي لا يعترف بإنسانية.

author-img

الإعلامي سـعيدبـدوي

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة