كتبت: آية محمد
كانت الدكتورة شيرين إسماعيل استشاري التخدير بمستشفى النبيلة للعزل، أروع نموذج للجيش الأبيض المحارب في معركة وباء كورونا، حيث لم تتردد لحظة واحدة، للتقدم لتغسيل وتكفين أول حالة لسيدة تتوفى بكورونا فى مستشفى النجيلة للعزل، على الرغم من ابتعاد جميع الطبيبات وقلقهن، فإنها مدت يدها وتحملت هذه المسئولية لأول مرة.
وقالت الدكتورة شيرين : "لم أفعلها من قبل وكانت أول مرة أقوم بالغسل، أبلغنى مدير المستشفى أن أتولى غسل السيدة وأكفنها، وكان مترددا فى الطلب لأننى لست صغيرة فى السن وجميع الفريق الطبى النسائى رفض، وكانت المشكلة فى وفاة السيدات فالأمر حرج، وممنوع يدخل عليها خلاف سيدات، كما يحظر دخول أحد من خارج المستشفى، ويتعرض لمخاطر العدوى، وافقت ولم أتردد، وأبديت استعدادى لتحمل المهمة، وقلت لزملائى: لن نترك مسلمة غير مجهزة لمقابلة حسابها".
وفجرت مفاجأة من العيار الثقيل قائلة: "عندما ماتت السيدة الحالة الأولى بالمستشفى تنكر لها أولادها ورفضوا استلام الجثة، وقالوا بالحرف الواحد، إرموها فى أى حفرة فى الصحرا"، كانت صدمة بالنسبة لنا كطاقم طبى بالمستشفى، وكنا بمثابة أهلها وهى مسئولية.
وتابعت: "سيدة توفيت مصابة بكورونا والغسل شيء مهم، وعندما شاهدتنى منة الله ووفاء ممرضتان جهزت نفسى، قامتا بالمشاركة معي في غسل السيدة، وارتدينا البدل الواقية والجوانتيات والزى الطبى الكامل مع التعقيم، وتقبلنا أن نأخذ مخاطر العدوى، وجمعنا معلومات حول الغسل، والتزمنا ببروتوكول وزارة الصحة، وحفظنا الخطوات الإسلامية، والحمد لله نجحنا فى المهمة، وغسلنا السيدة باستخدام الماء الطاهر وماء ورد ومسك، والكفن مكون من 3 طبقات، ووضعنا جثمانها داخل الكيس الأسود، ثم فى صندوق خشب، واستغرق الأمر معنا قرابة نصف ساعة وصلى عليها جميع الطاقم الطبى والتمريض ورجال الإسعاف فى بهو المستشفى.
ولفتت إلى أننا دخلنا أول مستشفى عزل بدأ العمل به فى 3 فبراير الماضى وغسلت فيها سيدتان، عمرهما 63 عاما، وأديت واجبى، وحتى الآن نعمل فى المستشفى ولم نخرج أو نرى أبناءنا وأسرنا حتى الآن.
جدير بالذكر أن الدكتورة شيرين توفى زوجها منذ ما يزيد على 12 عاما، وأصبحت هى العائل لأبنائها ووالدتها المسنة التى تجاوزت 80 عاما.. تركت أمها المسنة فى رعاية أبنائها وظلت بمستشفى العزل بالنجيلة منذ أول فبراير وحتى الآن وعندما أراد أبناؤها الاطمئنان عليها سمح لهم برؤيتها من خلف الأسوار؛ لتضرب لنا أروع الأمثلة للطبيب المثالي في الوقت الذي تخلى فيه الأبناء عن أمهم المتوفية.