كتب:أيمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي.. هل تنجح الإجراءات الإحترازية ضد الفيروس فى وقف إراقة الدماء؟ مع منع إنتشار جائحة كورونا عالمياً وحصدها عشرات الآلاف من الأرواح تتزايد المخاوف من إنتشار الوباء داخل الدول التى تشهد نزاعات ما يهدد حياة الملايين. فهل من الممكن أن يساعد الإحتراز من الفيروس فى وقف الحرب فى ليبيا أو اليمن وسوريا مثلاً؟. إنطلاقاً من جهود الأمم المتحدة لوقف القتال فى المناطق التى تشهد نزاعات، جمعت عريضة أطلقتها منظمة غير حكومية لدعم نداء وجهته الأمم المتحدة الى وقف إطلاق النار فى كل مناطق النزاعات فى العالم لمكافحة وباء كوفيد-19بشكل أفضل حوالى مليون توقيع حتى مساء الخميس (الثانى من أبريل/ نيسان). ووضعت العريضة على الإنترنت ضمن مبادرة قامت بها منظمة آفاز فى 30 آذار/ مارس بعد النداء الذى أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش فى 23 آذار/ مارس الماضى. وقالت ليتيسيا كورتوا ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى الأمم المتحدة لوكالة فرانس برس للأسف يتواصل القتال فى معظم المناطق التى نتواجد فيها وتابعت أن وقفاً لإطلاق النار فى جميع أنحاء العالم ضرورى موضحة أنه من المهم فى الوقت نفسه الإشارة الى الحاجة الملحة للعاملين فى المجال الإنسانى لمواصلة عملهم بأفضل قدراتهم، ليتمكنوا من التأثير على الوضع الذى أصبح أصعب مع إنتشار الوباء هذه النداءات الأممية المختلفة تؤكد على ضرورة وقف المعارك فى البلدان العربية التى تشهد نزاعات فى ظل إنتشار الفيروس عالمياً حيث فاقت الإصابات به المليون إصابة على مستوى العالم. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد حذرت فى بيان نشر على موقعها الرسمى من أن مكافحة جائحة كوفيد-19 فى البلدان التى دمّرتها النزاعات ستكون شبه مستحيلة، ما لم تطلق الدول والمنظمات الإنسانية إستجابة مُنسَّقة فوراً. ولا بد من أن تُنفذ على جناح السرعة خططاً لمنع إنتشار الفيروس والتصدى له قبل أن تتسع رقعة إنتشاره فى مناطق النزاع. وتخشى اللجنة الدولية من وقوع السيناريو الأسوأ للقابعين فى السجون والمقيمين فى مخيمات النزوح حول العالم. والمنظومات الصحية فى مناطق النزاع فى أماكن مثل سوريا واليمن وليبيا وجنوب السودان، فالسلطات هناك ليست مستعدة للتعامل مع تدفقات هائلة لحالات الإصابة بمرض كوفيد-19 ما لم تحدث طفرة فى الدعم الذى تتلقاه. من المفارقات العجيبة واللآفتة أن بلداً فقيراً مثل اليمن يعانى ويلات الحرب والصراع والتفشى المتكرر للأوبئة يعيش سليماً معافى حتى اليوم من فيروس كورونا الذى ضرب معظم دول العالم وأدى الى وفاة عشرات الآلاف وإصابة مئات آلاف آخرين. ولم يسجل اليمن حتى اليوم أية إصابة بفيروس كورونا، وسط مخاوف متكررة وتحذيرات من أنه فى حال وصول الفيروس الى البلد سيكون له تبعات ونتائج كارثية فى شتى المجالات، سيما أن هذا البلد الفقير ويعانى من تدهور حاد فى القطاع الصحى الذى بات شبه مدمر. فيما علت المطالبات على مواقع التواصل من أجل وقف القتال الدائر هناك. وفى اليمن فقد أكدت الأمم المتحدة أن جهوداً مكثفة تبذل من أجل إنهاء الحرب فى اليمن. وقالت المنظمة أنها والحلفاء الغربيين يستشهدون بالخطر الماثل من وباء كورونا لدفع الطرفين المتحاربين فى اليمن نحو محادثات جديدة لإنهاء الحرب التى تركت الملايين عرضة للمرض. وأرسلت الأمم المتحدة إقتراحاً للحكومة المعترف بها وللتحالف العسكرى الذى تقوده السعودية الذى يدعمها وللحوثيين المتحالفين مع إيران الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأغلب المدن الرئيسية. وقالا إن مارتن جريفيث مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن يعمل على عقد إجتماع بين الأطراف عن طريق دائرة تلفزيونية مغلقة فى وقت قريب لبحث وثيقة عمل تدعو الى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد بما فى ذلك كل الأعمال العدائية الجوية والبرية والبحرية ودعوة الطرفين لضمان التزام قواتهما على جبهات القتال. وبدأت السعودية محادثات غير مباشرة مع الحوثيين فى أواخر العام الماضى أدت الى إنحسار مؤقت فى العمليات العسكرية لكن تصاعد العنف فى الفترة الأخيرة هدد إتفاقات السلام الهشة فى الموانئ اليمنية. وكان وزير الدولة اليمنى ورئيس حركة النهضة للتغيير السلمى عبد الرب صالح السلامى قد أكد فى تغريدة له على موقع تويتر أن وباء كورونا إذا حل باليمن فلن يفرق بين شرعية وإنقلاب ولا بين جنوب وشمال، داعياً فى الوقت نفسه الى تظافر الجهود من أجل مكافحته.
أما الوضع فى ليبيا التى توجد فيها حكومتان ووزارتان للصحة فيبدو بالغ الصعوبة. فالقتال فى البلاد محتدم بين الحكومة المنتهى ولايتها والقوات المسلحة الليبية الرسمية بقيادة خليفة حفتر الموالية والمؤيدة من البرلمان الليبى. الوضع فى ليبيا قد يكون معقداً أكثر فى ظل إستمرار المعارك هناك بين قوات السراج وحفتر بالرغم من تسجيل 11 إصابة بكورونا بينهم حالة وفاة واحدة، حسب بيانات المركز الوطنى لمكافحة الأمراض. هذا الأمر الذى أشار اليه وزير الخارجية للحكومة المنتهية ولايتها محمد سيالة، فى رسالة الى مجلس الأمن وإنتقد خطة الإتحاد الأوروبى لمراقبة حظر توريد أسلحة الى ليبيا. وأضاف سيالة فى الرسالة التى نشرت فى صفحة وزارة خارجية الحكومة المنتهية ولايتها على فيسبوك أن خطة الإتحاد الأوروبى لمراقبة حظر توريد الأسلحة لليبيا غير كافية ولم يتم التشاور حولها كما نص قرار مجلس الأمن رقم 2292 فى مادته الثالثة، موضحاً أن هذه الخطة تغفل مراقبة الجو والحدود البرية الشرقية لليبيا والتى تؤكد التقارير الأممية وغيرها تدفق السلاح والعتاد عبرها لدعم حفتر فى إشارة الى قائد الجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر. وقالت الرسالة أن الحكومة التزمت بكافة القرارات الدولية ودعت مراراً لتطبيق قرارات مجلس الأمن ومعاقبة الدول الداعمة للعدوان على العاصمة طرابلس. وكان الإتحاد الأوروبى قد أعلن منذ أيام إطلاق عملية إيرينى لمراقبة حظر توريد أسلحة الى ليبيا لكنه أشار الى أنها مخصصة لمراقبة توريد الأسلحة بحرياً وهو ما دفع الحكومة لإعلان تحفظها على المهمة بدعوى أنها أغفلت الرقابة على (عمليات تسليح )قوات حفتر
وكان وزير وزير الخارجية التركى مولود تشاووش أوغلو قد أكد فى مقابلة أجرتها معه صحيفة "ذا واشنطن تايمز الأمريكية تحت عنوان ما نفعله اليوم يحدد ملامح الغد. أن المنافسة الجيوسياسية العالمية والصراعات السياسية لا معنى لها فى ظل تفشى فيروس كورونا المستجد(كوفيد-19) وأضاف الوزير التركى قائلاً ندعو المجتمع الدولى الى تنحية كافة النزاعات جانباً بما فى ذلك تلك التى بمنطقة الشرق الأوسط وإنهاء الصراعات والسعى الجاد للحوار والمصالحة. بيد أ ن الوزير لم يتطرق الى دور بلاده الفاعل فى الأزمة السورية وما إذا كانت أنقرة على إستعداد للإنسحاب من مناطق سورية تحت سيطرتها او لفرض خطة سلام هناك. كذلك لم ينطرق الى إرسال بلاده سلاح ومرتزقة الى الحكومة المنتهية ولايتها بليبيا، وكانت وزارة صحة النظام السورى قد أكدت تسجيل 6 إصابات جديدة بفيروس كورونا ليرتفع الإجمالى الى 16. ويرى مطلعون أن وقف النزاعات ممكن فى حال تظافرت الجهود الدولية لمنع توريد أسلحة الى أطراف النزاع وفرض سياسة أممية صارمة من أجل فرض هدنة طويلة الأمد، تمكن من إدخال أدوية ومعدات تمكن من التصدى للفيروس. فى حين أعلنت منظمة الصحة أن نافذة إحتواء كورونا بالشرق الأوسط بدأت تضيق فى ظل إرتفاع أعداد المصابين هناك.