JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Accueil

ليسَ الكلُ سواءْ!



بقلم: محمد نجم الدين

"لقد اكتشفتُ في مرحلةٍ مبكرةٍ من حياتي أن البشر ليسوا متطابقين سواء في سلوكياتهم أو انطباعتهم أو ردود أفعالهم.. فليس من الضروريِ أن يعاملك الناس برفقٍ ما دُمت تعاملهم هكذا.. وليس من الضروري أن يُحسن إليك شخص ما دُمت تُحسن إليه.

وقد خُضت تجربةً دعتني للتأمل بشدةٍ في سلوكيات البشر حتى وأنا في سن صغيرة.. ولم أكن قد وصلتُ لسن الالتحاق بالمدرسة، فقد كنتُ عائدا بصحبة زميل في روضة الأطفال أو كما يطلق عليها (الحضانة) ومن عادتي منذ ولدت أني شخص اجتماعي محبب لي صحبة البشر، وأمتلك من القدرة ما يجعلُني أُشيع جو الألفة في التجمعات بسهولةٍ ويسر، وذلك ما دفعني أن أطلب من زميلي هذا أن يُغيِّر مساره إلى منزله، ويذهب معي حتى أصل لمنزلي أولا ثم يرجع فيما بعد لمنزله، فعقد معي ذلك الطفل صفقة، حيث طلب مكافأةً طفولية لذلك العمل الذي سيقوم به، وهو توصيلي إلي منزلي ثم العودة إلى منزله، ولا أذكر في الحقيقة نوع تلك المكافأة التي طلبها، فربما كانت قطعة حلوى أو ما شابه.

المهم أنني وافقت على تلك الصفقة ومنحته ما طلب فسار معي في طريق عودتنا حتى نقطة ما، وهي مفترق الطريق، فإما أن يستمر معي في طريقي أو أن يحنث في اتفاقه ويكمل الطريق إلى منزله مخالفا ما تم الاتفاق عليه، وقد فعل الثانية فكانت تلك أول خطة خداع أتعرض لها بقلب طفل صغير لم يتجاوز الخامسة من عمره.. فحزنتُ حزنا عميقا وظللت أتأمل الأمر طويلا، فقد  كان درسا قاسيا في مواجهة براءة طفل صغير.. ومنذ تلك اللحظة أيقنتُ أنه من الضروري عند تعاملنا مع البشر أن ننتظر منهم أي شيء في أي وقت، وأنه ليس مؤكدا أن لكل فعل إيجابي رد فعل إيجابي، وإنما قد يتعامل البعض بشكل سلبي، وربما يكون ذلك راجعا إلي بيئتهم التي ترعرعوا فيها أو تربيتهم أو أخلاقهم أو حتى سوء فهم منهم لموقف ما.. ولكن الأهم من ذلك ألا نمنح التقدير والعطاء إلا لمن يستحق، فلا نُستغرق إلا مع الأشخاص الجديرة بذلك فلا تُجبر نفسك علي التعامل مع شخص لا يليق بمحبتك فلكل منا طاقة ومن غير الصحي أن نَسْتَنْزِف طاقتنا  مع من لا يستحق.

فعلي كلٍ منا أن يُصَفِّي علاقاته ولا يستمر إلا مع المخلصين الذين يمثلون إضافةً حقيقيةً في رحلةِ الحياة ويبتعد كل البُعد عن الذين يأخذون ولا يمنحون والذين ينعمون بِكَ ولا حتي يشكرون فالحياة أقصر من أن نستغرقها في الإتجاه الخطأ وسيظل دائما..ليس الكلُ سواءْ..".
NomE-mailMessage