بني سويف: عبدالله طارق
جسدت هبة الله محمد عز العرب طالبة بالفرقة الرابعة كلية إعلام جامعة بني سويف، قصة كفاح ناجحة؛ لتصبح نموذجا إيجابيا لشباب سنها؛ فتحدت الإعاقة بسلاح الإرادة والعزم؛ لتصبح أول مذيعة على كرسي متحرك، وهو الحلم الذي طالما تحلم به وتحارب لتحقيقه رغم قسوة الحياة والظروف.
ولِدت هبة كمثيلاتها من الأطفال بين أبٍ و أمٍ يسعدان لرؤيتها تحبو وتمشي بلّ تركض هنا و هناك، تخطو خطواتها بقوة ولا تخشى سقوط خطوة تلو الأخرى، وتكبر سنة تلو السنة حتى وصلت إلى عامها السادس والتي واجهت فيه أُولى سقطات خطواتها التي لم تخشاها يوماً، حيث فارقت والدة هبة الحياة وتركتها تواجه الحياة بخطوات ثابتة لكن خالية من وجودها.
أكمل والد هبة مسيرة رعاية وتربية هبة والتي عُرفت من صغرها بالتفوق والاجتهاد، وسارت الحياة كما سارت ومرت الأيام وهبة وأختها تعيشان مع والدهما الذي قام برعايتهما خير رعاية كما لو كانت أُمهما على قيد الحياة، لا أُبالغ إن قلت بل وأكثر، حتى وصلت هبة إلى عامها العاشر والتي فاجأتها الحياة فيه بثاني سقوطاتها !
حيث أُكتُشف بعد عدة فحوصات أجرتها هبة وجود عيب خلقي بالظهر (ورم بالظهر) ، الأمر الذي لم يكن استقباله بسهل على هبة ولا على والدها الذي فاقت صدمته وحزنه حزن ابنته و زهرة حياته الذي بات يسقيها ويعتني بها ويراقب تفتحها سنة تلو الأخرى.
خاضت هبة رحلة علاجها والتي اخضعتها لإجراء بعض العمليات والتي أفضت بها بالجلوس على كرسي متحرك في عامها الثاني عشر، لم تيأس هبة أبداً ولم تترك مكان للحزن في قلبها طالما كانت قوية منذ أُولى خطوات حياتها.
أكملت هبة مسيرتها التعليمية بتفوق وسارت وراء حلمها وطموحها بأن تصبح 'مذيعة' في يومٍ ما، سارت وكان معها دعم والدها يرافقها دوماً أينما ذهبت وأينما حلّت خُطاها.
وبعد مرور سنوات تمكنت هبة من الوصول إلى أول طريق تحقيق حلمها، حيث اجتازت الثانوية العامة بتفوق وحصلت على مجموع ٩٦% والذي أهلها للإلتحاق بكلية الإعلام حلمها التي سعت من أجله.
لم يتوقف الأمر إلي هذا الحد بل أثبتت تفوقها العلمي أيضا في دراستها الجامعية جانبا إلى مشاركتها في النشاطات الطلابية واهتمامها بها حيث نُصبت رئيسة لاتحاد الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة جامعة بني سويف في العام الدراسي ٢٠١٨، وفي ٢٠١٩ أمين اللجنة الاجتماعية لكلية إعلام جامعة بني سويف، كما تم تكريمها مرتين الأولى كانت في ٢٠١٧ حيث كانت الطالبة المثالية على مستوى كلية إعلام بني سويف، والتكريم الثاني في ٢٠١٩ حيث حصلت على مركز ثالث طالبة مثالية على مستوى الجامعات المصرية.
هبة ليست مجرد قصة.. هبة فتاة قوية ناجحة مثابرة متفائلة ،
هبة لديها إيمان كاف يجعلها حتى هذه اللحظة وبعد اقعادها على كرسي متحرك مدة تفوق 10 سنوات تحاول أن تقف مرة أخرى، وتعود كسابق عهدها،
هبة طاقة وإيمان وعزيمة وأب قوي داعم.
هبة تحلُم بأن تصبح في يومٍ من الأيام دكتورة في كلية إعلام.. هبة تحلُم بأن تصبح أول مذيعة على كرسي متحرك..
هبة لديها من الأحلام الكثير طالما أدركت أن المستحيل الذي تحقق في يومٍ ما كان مجرد حلم في بدايته.