كتب: مجدي السويفي
ظنا أنها النهاية.. ولكن للمشاعر حسابات أخرى، فبينما كانا يقضيان ساعات طويلة من الليل يصارعان آلام الكيماوي، كان القدر ينسج لهما خيوطًا من الفرح دون أن يدري أحدهما..
من هنا كانت بداية مقاومة شبح السرطان، ومن نفس المكان أيضًا نشأت قصة حبهما التي أضحت عامًلا كبيرًا في رحلة العلاج، عرفا منها طريق الأمل وبات كل عسير يسيرًا في أعينهم، واكتملت السعادة بولادة طفلهما الأول الذي محى منهما كل شعور سيئ عاشاه سنوات طويلة.
على إحدى طاولات الحديقة الخارجية لمستشفى السرطان 57357، انطلقت شرارة قصة حب أحمد 25 عاما، وزوجته أمنية 20 عاما، في نهايات عام 2017، حين جلسا لأول مرة وسط عشرات الشباب من أصدقائهم المرضى بالمستشفى دون سابق معرفة لبعضهم.
لم يمض من الزمن وقت طويل حتى خطفت أمنية قلب أحمد، فرأى فيها حلم الفرح الذي غاب عنه سنوات طويلة انشغل فيها بمواجهة المرض الخبيث الذي أصاب قدمه اليسرى قبل 6 سنوات من تاريخ لقائه بها، وحسب وصفه، اعتقد حينها أنها النهاية ولم يكن يعلم أن المحنة نهايتها منحة.
نظرات الإعجاب المتبادلة بين أحمد وأمنية انتهت بخطبة وزواج في غضون 9 أشهر فقط، وحسب رواية الزوج وجد فيها ملازه الآمن، وداعمه النفسي الأول خاصة وأنها تعاني ما يعانيه، وتشعر بما يجول في صدره دون أن يبوح به.
وكانت تحذيرات متتالية سمعتها أمنية من الأطباء قبل موعد ولادتها، يخبران الزوج باحتمالية وفاتها أثناء الولادة، لكنها لم تنل من عزيمتها وإصرارها على سماع كلمة "ماما" بعد أن حرمها السرطان من مظاهر فرح عدة، وباتت رؤية صغيرها هو أقصى أحلامها.
وفي نهايات عام 2019 كانت الأم على موعد مع غرفة العمليات بما فيها من أدوات وأجهزة، حملها الأطباء على سرير تجره عجلات سريعة حتى حال بينها وبين زوجها باب كبير، لم يتنفس فيه الزوج بحرية إلا بعد سماع صوت مولوده الأول "زين" ورؤية زوجته التي انتصرت على المرض الخبيث مرة أخرى.
احتضان الصغير "زين" يعطي جرعة أمل كبيرة لأبويه، إلا أن والدته تخشى تعرضها لإغماء أو تشنجات فجائية فيسقط من بين يديها على الأرض، وحسب تعبيرها، عادت بعد شهرين من ولادته تستكمل رحلة علاجها من السرطان لتتمكن من تربيته قد المستطاع.
"نفسي أعيش وأشوفه بيكبر ويعوضني عن تعبي اللي فات"، حلم بسيط يداعب الأم وزوجها.