بقلم: عبير عزت
لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي تعد ثوابت لا يصح تعديلها حتى وإن كانت خاطئة.. ومن بين هذه الظواهر ظاهرة تزويج القاصرات وهي ظاهرة منتشرة في كثير من البلدان النامية.. هذه الظاهرة تبني أسرا متهالكة منذ بدايتها؛ لما لها من جرم في حق الطفولة والإنسانية؛ نتيجة عدم اكتمال الوعي والنضج الكافي لمتطلبات وواجبات العلاقة الزوجية.
ويترتب على زواج القاصرات، الكثير من الأضرار النفسية والجسدية التي تظل تلاحق السلوك الإنساني مدى الحياة، حتى بعد اكتمال النمو الجسماني والعقلي لهذه الطفلة البريئة أو الأصح المجني عليها.
إنها علاقة غير متكافئة.. ما هي إلا بداية لعدد من الجرائم الأسرية التي تنتج عن الكراهية وحب الانتقام الذي قد يصل إلى حد القتل.. نعم قتل الشخص الذى سلب منها طفولتها وبراءتها!!
ولا شك أن زواج القاصرات ناتج عن غياب الوعي، وانعدام الثقافة الأسرية.. بالإضافة إلى إهمال هذه الظاهرة من قبل منظمات وجمعيات حقوق الأسرة والطفل.
وتتزوج نحو 12 مليون فتاة تحت سن 18 عاما في العالم سنويا، وفق تقرير أصدرته الأمم المتحدة في مارس 2017.. وقد شهدت مصر وحدها تزويج 124 ألف قاصر خلال عام 2017، وأكثر من 117 ألف حالة في عام 2018، حسب بيانات رسمية أوردها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وسجلت غالبية هذه الحالات فى المناطق الريفية والفقيرة.. ووصلت نسبة دعاوى إثبات الزواج في المحاكم المصرية لأمهات قاصرات في 2017 إلى 16 ألف دعوة.
وتتجه الحكومة إلى تغليظ عقوبة من يتورط بزواج القاصرات دون الثامنة عشر من العمر، بالسجن عشرة أعوام مع غرامة مالية كبيرة.. لكن القانون مازال حبرا على ورق، ولا يوجد أي قرار فعلي بشأن هذه الجريمة.
وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي الهائل وثورة المعلومات والانفتاح الثقافي فإنه يوجد الكثير من الأسر ذات التفكير البدائي إلى يومنا هذا.. والدليل هو التضحية بأطفالهم ونهب حقوقهم في التعليم والصحة وسلب مرح الطفولة.. ولا شك أنهم يحكمون عليهم بالموت البطيء.
أى قلوب هذه ؟ لماذا نظل داخل دائرة الجهل والتخلف؟ إلى متى يظل هؤلاء الأبرياء مقيدين؟
دعونا نرفع شعار (معا لمحاربة الجرائم التي تنتهك حرمة الطفولة.. معا لمنع زواج القاصرات وقتل الطفولة).